قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا أبي وبقية قالا: حدثنا شعيب عن الزهري بمعنى إسناده وحديثه، زاد: (وكان منا المتشهد في قيامه).
قال أبو داود: وكذلك سجدهما ابن الزبير، قام من ثنتين قبل التسليم، وهو قول الزهري].
سبق أن بدأنا بهذه الترجمة، وهي: [باب من قام من ثنتين ولم يتشهد] وذكر الإمام أبو داود رحمه الله في هذا الباب حديث عبد الله بن مالك ابن بحينة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى اثنتين ثم قام، ولما كان قبل التسليم سجد سجدتين ثم سلم.
وقد عرفنا ما يتعلق بهذا الحديث من جهة أنه صلى الله عليه وسلم ترك الجلوس الأوسط الذي هو مشتمل على جلوس وعلى تشهد، وأنه سجد عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتين اثنتين، وكل من هذين واجب عند بعض أهل العلم، ومع ذلك أجزى عن تركهما سجدتان قبل السلام، فدل هذا على أنه لا يلزم لكل شيء سجدتان، بل تكفي سجدتان عن الجميع.
ثم أورد أبو داود رحمه الله طريقاً أخرى وفيها زيادة أن منهم المتشهد في قيامه، أي أنهم رضي الله عنهم لما رأوا أن الجلوس والتشهد قد تركا أتوا بهما في حال قيامهم، وهذا -كما هو معلوم- لا يدل على أن الإنسان إذا ترك التشهد الأول يأتي به في حال القيام، وذلك لأن الزمن زمن تشريع، وكانوا رضي الله عنهم وأرضاهم يأتون في الجلوس بالتشهد، وقد ذهب الجلوس وما فيه.
فالجلوس لا يمكن تداركه، ورأوا أن التشهد يمكن الإتيان به، فكان منهم من أتى به وهو قائم، ومعناه أنه يأتي بالتشهد ثم يأتي بالقراءة، ولكن الأحكام قد استقرت على أن الإنسان إذا ترك شيئاً في صلاته نسياناً وذلك المتروك ليس ركناً متعيناً فإنه يجزئ عنه سجود السهو.