قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة.
حدثنا مسدد حدثنا حماد وعبد الوارث عن ليث عن الحجاج بن عبيد عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيعجز أحدكم -قال عن عبد الوارث - أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله -زاد في حديث حماد - في الصلاة، يعني في السبحة)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة] هكذا أتى بالترجمة مطلقة، ومعنى هذا أنه جائز، ولكن الأولى أن يغير المكان؛ لأنه إذا غير المكان يكون فيه فصل بين الفرض والنفل، وأيضاً فيه أن البقاع تشهد للإنسان بالصلاة فيها، وقد جاء في القرآن: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة:4] أي: أن الأرض تشهد بما حصل على ظهرها من خير أو شر، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجملة ما يدل على مثل ذلك، وهو أنه كان إذا خرج لصلاة العيد يذهب من طريق ويرجع من طريق، وقيل في ذلك أقوال كثيرة، منها: أن ذلك ليشهد له الطريقان.
قوله: [(في السبحة)].
السبحة: هي النافلة.
ومعنى الحديث: أن المصلي يغير المكان تقدماً أو تأخراً أو بأن يذهب إلى جهة اليمين أو جهة الشمال، أي: يصلي النافلة في مكان آخر غير المكان الذي صلى فيه الفرض.
قوله: [(في الصلاة -يعني: في السبحة-)] أي: عندما يصلي النافلة التي يقال لها السبحة؛ لأن النوافل يقال لها ذلك، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه لما جمع بين الصلاتين لم يسبح بينهما، أي: لم يتنفل، والحديث ذكره الألباني في صحيح سنن أبي داود، وفيه رجلان مجهولان: أحدهما مجهول العين، والثاني مجهول الحال، لكنه قد جاء حديث آخر يدل على ما دل عليه وهو يتعلق بالجمعة، وهو أن على الإنسان أن يفصل بكلام أو قيام أو قريب من هذا، ولعله صححه لوجود شيء يشهد له، وإلا فإنه من حيث الإسناد فيه رجلان مجهولان.