قال المصنف رحمه الله: [حدثنا بشر بن هلال حدثنا عبد الوارث عن إسماعيل بن أمية سألت نافعاً عن الرجل يصلي وهو مشبك يديه، قال: قال ابن عمر رضي الله عنهما: تلك صلاة المغضوب عليهم].
أورد أبو داود حديث ابن عمر في ذم الصلاة وهو مشبك يديه، حيث قال: [تلك صلاة المغضوب عليهم] وهذا لا يقال من قبل الرأي، حيث ورد فيه ذكر الغضب، وما جاء عن الصحابي وفيه ذكر وعيد أو غضب أو نحوه فحكمه الرفع إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأن ذلك لا يقال من قبل الرأي، وإنما يكون مبنياً على السنة التي تتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [سألت ابن عمر عن الرجل يصلي وهو مشبك يديه، فقال: تلك صلاة المغضوب عليهم] فالترجمة وردت لكراهية الاعتماد على اليد في الصلاة، وهذه لا تتعلق بالترجمة من ناحية الاعتماد، ولكنها تتعلق بالترجمة من جهة كون الإنسان يضع يديه على ركبتيه، موافقاً للهيئة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسواء وضعها على الأرض، أو شبك بين أصابعه، أو وضعها على غير ركبتيه؛ فإن كل ذلك مخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتشبيك الأصابع في الصلاة وقبل الصلاة كل ذلك جاءت فيه أحاديث تدل على منعه، وأن الإنسان لا يشبك بين أصابعه ما دام ينتظر الصلاة وما دام في الصلاة، لا في حال قيام ولا جلوس.
وأما بعد الصلاة فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذي اليدين الذي سيأتي أنه صلى ركعتين من الظهر أو العصر وسلم، فكان بعض الصحابة رضي الله عنهم يظن أنه حصل نسخ وأن الصلاة حولت من أربع إلى ثنتين، فلم يسبحوا ولم ينبهوا النبي صلى الله عليه وسلم على هذا السهو، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد واستند عليها وشبك بين أصابعه، وهذا بعد الصلاة.
[تلك صلاة المغضوب عليهم].
وقال الله في سورة الفاتحة: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:7]، وجاء في السنة بيان أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى ضالون، فكلمة المغضوب عليهم لا أدري هل المقصود بها اليهود وأنهم يفعلون ذلك، أو أن المقصود بها ما هو أعم من ذلك، وأن من يفعل ذلك فقد فعل ما يستوجب الغضب من الله عز وجل.