قال المصنف رحمه الله: [حدثنا عبد الله بن عمرو أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا الحسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن حنظلة بن علي أن محجن بن الأدرع حدثه قال: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا هو برجل قد قضى صلاته وهو يتشهد وهو يقول: اللهم إني أسألك يا الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم، قال: فقال: قد غفر له، قد غفر له) ثلاثاً].
أورد أبو داود رحمه الله حديث محجن بن الأدرع رضي الله عنه، وهو يدل على استحباب هذا الدعاء ومشروعيته في ذلك المكان؛ لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الداعي على هذا الدعاء، وإخباره صلى الله عليه وسلم بأنه قد غفر له بعد أن سمعه يدعو بهذا الدعاء العظيم.
وهذا فيه توسل، إلى الله عز وجل بين يدي الدعاء بالثناء على الله عز وجل، فإن هذا الدعاء المقصود منه غفران الذنوب، ولكنه قدم له بالثناء على الله وعقبه بالثناء على الله؛ لأن أوله: (اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوراً أحد) وفي آخره قال: (إنك أنت الغفور الرحيم) وهذا من أسباب قبول الدعاء، ولهذا سيأتي حديث الرجل الذي سمعه النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فقال: (عجل هذا) وأرشده إلى أن يحمد الله ويصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم بين يدي دعائه، ولهذا جاء في صلاة الجنازة بين يدي الدعاء قراءة الفاتحة التي هي حمد وثناء، وبعدها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك يأتي الدعاء للميت، فيكون الدعاء في صلاة الجنازة مسبوقاً بالحمد والثناء والصلاة والسلام على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.