هناك سؤال مشهور في صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو: أن نبينا محمداً عليه الصلاة والسلام أفضل من إبراهيم, وقد جاء في هذه الصلاة أنه يطلب صلاة عليه كالصلاة على إبراهيم، حيث قال: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم) مع أن الأصل أن المشبه دون المشبه به، والواقع هنا أن نبينا محمداً عليه الصلاة والسلام الذي هو المشبه أفضل من المشبه به الذي هو إبراهيم، ومن المعلوم أن أفضل الرسل هم أولو العزم من الرسل، وهم خمسة: نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وإبراهيم، نوح، وموسى، وعيسى، وأفضل الرسل جميعاً نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويليه إبراهيم الخليل، وكل من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإبراهيم هو خليل للرحمن، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً) فصفة الخلة ثبتت لاثنين من رسل الله هما: نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، فكيف طلب للنبي صلى الله عليه وسلم صلاة كالصلاة على إبراهيم؟ وقد أجاب العلماء عن ذلك بأجوبة، أحسنها جوابان أو ثلاثة: الأول: أن قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم) فيه أن محمداً وآله يقابلهم إبراهيم صلى الله عليه وسلم وآله، ومن المعلوم أن آل إبراهيم فيهم الأنبياء، بخلاف آل نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فإنه لا نبي بعده، وإذاً فالذي يكون لإبراهيم صلى الله عليه وسلم وآله إذا أعطي لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وآله، فيأخذ آل محمد صلى الله عليه وسلم ما يناسبهم وما يليق بهم، والباقي يبقى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فيكون الحظ الأكبر والنصيب الأكبر له صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن محمداً صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم، فيكون له نصيبه من آل إبراهيم مع ما طلب له، فيكون بهذا الأمر واضحاً أن المشبه أعلى من المشبه به وأكثر حظاً من المشبه به.
الثالث: أنه ليس المطلوب صلاة تشبه صلاة، وإنما المقصود أن الصلاة حصلت لإبراهيم وآله والمطلوب حصول الصلاة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وآله، من غير أن يكون هناك مقارنة ومماثلة فيما يحصل لكل منهم من الثواب، أي: أن المقصود هو أن الصلاة حصلت على إبراهيم وآله فيطلب أن تحصل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وآله؛ لأن قوله: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) طلب، (كما صليت على إبراهيم) يعني: أنه قد صلي على إبراهيم ووجدت الصلاة على إبراهيم.
فإذاً: ليس المقصود كون المشبه دون المشبه به، وإنما المقصود هو تشبيه أصل الصلاة بأصل الصلاة، وليس تشبيه قدر الصلاة الحاصلة للرسول صلى الله عليه وسلم بالصلاة الحاصلة لإبراهيم؛ لأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل من إبراهيم.
هذا هو أحسن ما قيل في الأجوبة التي أجيب بها عن السؤال الذي أورد على هذا الحديث.