هناك تشهد آخر لـ عمر رضي الله عنه كان يعلمه الناس من على المنبر وهو يخطب ويقول: قولوا: التحيات الزاكيات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وفيه كلمة (الزاكيات) كما أن في تشهد ابن عباس (المباركات).
وفيه أنه كان يعلمه ويقول: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)، وهذا يدلنا على أن صيغ التشهد كلها متفقة على الخطاب في قول المصلي: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وأن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم هذه الصيغة، وهي بلفظ الخطاب، وجاء عن بعض الصحابة أنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عدلوا إلى صيغة الغيبة: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وكانوا يقولون: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، لكن جاء في خطبة عمر رضي الله عنه أنه كان يعلم الناس هذه الصيغة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في زمن خلافته رضي الله عنه، فما قال قولوا: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، وهو الذي يخاطبهم بهذا الكلام ولا يضيف ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن له حكم الرفع؛ لأن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي.
وكونه يقول لهم: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، دل على أن العدول عن الخطاب ليس بلازم ولا متعين، وأن ما حصل من بعض الصحابة إنما هو اجتهاد منهم، وعمر رضي الله عنه كان يعلم الناس وفيهم من الصحابة كثير، وما جاء ما يدل على الاعتراض عليه في ذلك، فدل هذا على أن مثل هذه الصيغة والاستمرار عليها لا بأس به.
ثم أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم في حياته صلى الله عليه وسلم كان الناس في المشارق والمغارب، والنبي صلى الله عليه وسلم غائب عنهم، وكانوا يقولون: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فدل ذلك على أن العدول من صيغة الخطاب إلى صيغة الغيبة أنه باجتهاد منهم.
إذاً: لابد من المحافظة على اللفظ الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في صيغ التشهد الخمس الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: تشهد ابن مسعود، وتشهد ابن عمر، وتشهد أبي موسى، وتشهد ابن عباس، وتشهد عمر بن الخطاب، لا بأس به ولا محذور فيه، وفيه محافظة وإبقاء على الأصل الذي جاء عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.