قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عاصم بن النضر حدثنا المعتمر قال: سمعت أبي حدثنا قتادة عن أبي غلاب يحدثه عن حطان بن عبد الله الرقاشي بهذا الحديث زاد: (فإذا قرأ فأنصتوا) وقال في التشهد بعد أشهد أن لا إله إلا الله زاد: وحده لا شريك له.
قال أبو داود وقوله: فأنصتوا، ليس بمحفوظ، لم يجىء به إلا سليمان التيمي في هذا الحديث].
أورد أبو داود حديث تشهد أبي موسى الأشعري من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله إلا أنه قال في وصفه للصلاة: [(وإذا قرأ فأنصتوا)] وفيه بعد قوله: أشهد أن لا إله إلا الله (وحده لا شريك له)؛ وهذه الطريق هي طريق سليمان التيمي عن قتادة فالتشهد فيها جاء فيه لفظ: (وحده لا شريك له)، كما في تشهد ابن عمر وهي ثابتة.
ثم قال أبو داود: [قوله: فأنصتوا، ليس بمحفوظ، زادها سليمان التيمي عن قتادة بهذا الحديث]، ولكن مسلم رحمه الله لما سئل عنها قال: إنها صحيحة، فقال: لماذا لم تضعها في كتابك؟ قال: ليس كل صحيح عندي وضعته هاهنا، لأنه لم يشترط أن يخرج كل الصحيح، وإنما ذكر جملة كبيرة من الأحاديث الصحيحة ولم يستوعبها، ولهذا يقول ابن الصلاح في علوم الحديث عن صاحبي الصحيح: لم يستوعبا الصحيح ولم يشترطا ذلك، حتى يقال: إنه فاتهما شيء، ولهذا فالكلام الذي يأتي عند الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ليس بلازم لهما؛ لأنهما لم يلتزما الإخراج لكل حديث صحيح، فكم من حديث صحيح لا وجود له في الصحيحين، وكم من ثقة لا وجود له في رجال الصحيحين.
وإذاً: هذه الزيادة التي جاءت في حديث أبي موسى هي مما اعتبره مسلم من قبيل الصحيح، ولكنه لم يدخله في صحيحه لكونه لم يلتزم أن يخرج كل حديث صحيح.
ثم أيضاً هذه الزيادة من ثقة فتكون مقبولة؛ لأنها بمثابة الحديث المستقل، وهي قوله: (وإذا قرأ فأنصتوا) ومن المعلوم أنه قد جاء ما يدل عليها من كتاب الله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف:204] ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تقرءوا إلا بفاتحة الكتاب) يعني: أنهم عندما يسمعون القراءة ولا يقرأوا إلا فاتحة الكتاب.
إذاً: هاتان الزيادتان ثابتتان ولا محذور فيهما، وقول أبي داود: إنها غير محفوظة، لأنه يرى أن أصحاب قتادة لم يذكروها وإنما ذكرها سليمان التيمي، وسليمان التيمي لا يؤثر تفرده؛ لأنها زيادة من ثقة، فتكون مقبولة، ولهذا اعتبرها مسلم رحمه الله صحيحة.