قال المصنف رحمه اللهتعالى: [حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن إبراهيم بن طهمان عن حسين المعلم عن ابن بريدة عن عمران بن حصين قال: كان بي الناصور، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)].
أورد أبو داود حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه وهو يتعلق بصلاة الفريضة؛ لأنها لابد فيها من القيام في حق من يقدر عليه، وليس له أن يصلي قاعداً، ولابد من القعود في حق من يقدر عليه ولا يقدر على القيام، وليس له أن يصلي على جنبه إذا كان يقدر على أن يصلي جالساً، فكما يروي عمران بن الحصين أنه كان به الناصور، وفي بعض الروايات (البواسير) وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب).
يعني: لا ينتقل من القيام إلى الجلوس إلا عند عدم استطاعته على القيام، ولا ينتقل من الجلوس إلى أن يصلي على جنبه إلا إذا كان لا يستطيع أن يجلس، وهذا من فضل الله عز وجل وتيسيره في شرعه، حيث إنه شرع للناس ما يطيقون ولم يكلفهم ما لا يطيقون، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه).
فالأمر قيد بالاستطاعة والنهي لم يقيد باستطاعة؛ لأن النهي مستطاع مطلقاً، والأمر قد يستطاع وقد لا يستطاع؛ لأن فيه تكليفاً و {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286].
فإذا قال قائل: احمل هذه الصخرة، فهذا أمر، والصخرة قد يستطيع الإنسان حملها وقد لا يستطيع، لكن إذا قيل: لا تدخل من هذا الباب فإنه يستطيع ألا يدخل؛ لأنه ترك فلا يقال إنه لا يستطيعه.