قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرخصة في ذلك: حدثنا الربيع بن نافع حدثنا معاوية - يعني: ابن سلام - عن زيد أنه سمع أبا سلام قال: حدثني السلولي هو أبو كبشة عن سهل بن الحنظلية قال: (ثوب بالصلاة -يعني: صلاة الصبح- فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب.
قال أبو داود: وكان أرسل فارساً إلى الشعب من الليل يحرس)].
أورد أبو داود هذه الترجمة: [الرخصة في ذلك].
والإشارة بـ (ذلك) أقرب ما تعود على النظر والالتفات في الصلاة، لكن هل الإشارة في: [ذلك] ترجع إلى النظر، أو إلى الالتفات، بعض أهل العلم قال: الأقرب أنها ترجع إلى الالتفات، لكن يبدو -والله أعلم- أن الحديث فيه الجمع بين الأمرين؛ لأن فيه التفاتاً ونظراً؛ لأنه التفت إلى جهة الشعب ونظر تلك الجهة التي أرسل إليها فارساً يحرس.
إذاً: فيمكن أن يقال: إنه يرجع إلى الاثنين؛ لأن فيه النظر وفيه الالتفات، لكن المطلوب في الصلاة هو ألا يلتفت فيها، وإنما يكون نظره إلى موضع سجوده إلا لحاجة ضرورية.
أورد أبو داود حديث سهل بن الحنظلية رضي الله عنه (أنه ثوب بالصلاة) يعني: أقيمت الصلاة، والتثويب في الصلاة هو الإقامة، وذلك أن الأذان للصلاة تكبير ونداء، وإذا رجع إليه مرة أخرى فقد ثوب، ومنه: ثاب اللبن في الضرع، يعني: عاد اللبن في الضرع، وفي الحديث: (إن الشيطان إذا سمع الأذان ولى وله ضراط ثم يرجع، فإذا ثوب بالصلاة ولى) يعني: أقيمت الصلاة.
قوله: [(فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب، وكان أرسل فارساً إلى الشعب من الليل يحرس)].
هذا يدل على أن الالتفات للحاجة وللضرورة لا بأس به، وأن الأصل هو عدم الالتفات، ولكن حيث دعت الحاجة إليه جاز، كما فعل المصطفى صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [(وكان أرسل فارساًً إلى الشعب من الليل يحرس)].
أي: أنه كان ينظر إلى تلك الجهة؛ لأنها قد تكون جهة مخوفة، فيخشى أن يأتي من تلك الجهة شيء.