قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اعتدلوا في السجود، ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب)].
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (اعتدلوا في السجود، ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب).
قوله: [(اعتدلوا في السجود)] يعني: توسطوا فيه، بحيث يسجد الإنسان على أعضائه السبعة، ويمكنها، ويعتمد على ركبتيه وعلى يديه، وكل عضو يأخذ حقه من السجود، لا أن يكون على هيئة الكسول الذي يلصق بالأرض مقدمه ومؤخره، فيفرش ذراعيه ويعتمد على ساقيه، فإن هذه هيئة لا تسوغ، وإنما السائغ والمطلوب هو التوسط والاعتدال بين هيئة الكسل والخمول، وهيئة المبالغة والغلو والزيادة، التي تكون المسافة فيها بين مقدمه ومؤخره بعيدة جداً.
ومن صفات الكلب أنه يضع ذراعه كله على الأرض، وهذه الصفة منهي عنها، وإنما المشروع هو الاعتماد على اليدين، ورفع الذراعين والمرفقين مع المجافاة، بحيث إنه لا يعتمد بعضده على جنبيه وبذراعيه على فخذيه وبفخذيه على ساقيه، وإنما يجافي بينها، فيجافي بين الفخذ والساق بحيث يرفع هذا عن هذا، وكذلك الذراع يؤخرها عن الفخذ لا يعتمد عليها، وكذلك العضدان يجافيهما عن الجنبين.