قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صفة السجود.
حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة حدثنا شريك عن أبي إسحاق قال: (وصف لنا البراء بن عازب رضي الله عنهما، فوضع يديه واعتمد على ركبتيه، ورفع عجيزته وقال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد)].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب صفة السجود، يعني: كون الإنسان يسجد معتدلاً، لا يكون شاقاً على نفسه، حتى كأنه يريد أن يمتد وأن ينبطح على بطنه من شدة مباعدته فيما بين مقدمه ومؤخره، وإنما عليه أن يتوسط، فلا يكون بعضه راكباً على بعض كهيئة الكسلان، الذي يلصق بطنه بفخذه وفخذه بعقبه، وإنما يكون على اعتدال وتوسط، بحيث يمكن جبهته وأنفه ويديه وركبتيه وأطراف قدميه، ويكون متوسطاً، ولا يباعد بين أجزائه كأن يكون مقدمه بعيداً عن مؤخره، أو رأسه بعيداً عن رجليه؛ بسبب امتداده ومبالغته، وليس على هيئة السجود المشروع الذي هو الاعتدال والتوسط في الأمور.
وقد أورد أبو داود حديث: (ويجافي عضديه عن جنبيه) كما سيأتي، بحيث يكون الاعتماد على اليد، لا على الفخذ، ويكون مجافياً عضديه عن جنبيه معتمداً على يديه، هذه هي صفة السجود.
وأورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله عنه من طريق أبي إسحاق قال: (وصف لنا البراء بن عازب رضي الله عنهما، فوضع يديه واعتمد على ركبتيه، ورفع عجيزته وقال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد).
يعني: وضع يديه واعتمد على ركبتيه بحيث يكون كل جسمه معتمداً على ركبتيه وليس على ساقيه، واعتمد على يديه لا على ذراعيه، بخلاف من يلصق بطنه بفخذه وفخذه بساقه، فإن جسم الإنسان يكون معتمداً على الساق، والصحيح أنه يكون نازلاً على الركبتين، ويرفع عجيزته، أي: مؤخره، ولا يكون هناك مبالغة حتى كأنه يريد أن ينبطح على بطنه.
وقد جاء في صحيح البخاري عن أحد الصحابة أنه أنكر على شخص فقال: (لا تكن من الناس الذين يسجدون على عوراتهم) يعني: يلم بعضه على بعض حتى يكون كأنه ملتصق بالأرض، ويكون مؤخره قريباً من مقدمه، وإنما يكون مؤخره مرتفعاًَ، ولا يكون بهذه الطريقة التي فيها المبالغة، وهي أن الإنسان يمتد ويتقدم على الناس بسبب امتداده.