شرح حديث: (إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الرجل يدرك الإمام ساجداً كيف يصنع؟ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس أن سعيد بن الحكم حدثهم: أخبرنا نافع بن يزيد حدثني يحيى بن أبي سليمان عن زيد بن أبي العتاب وابن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة)].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [باب: في الرجل يدرك الإمام ساجداً كيف يصنع؟] يعني: أن الإنسان لا يترك الائتمام بالإمام إن أدركه في السجود، وإنما يدخل معه، ولكنه لا يعتد بتلك الركعة، فإذا قام يقضي ركعة كاملة؛ لأن السجود لا تدرك به الركعة.

والمقصود أنه يسجد مع الإمام إذا أدركه في السجود.

وأورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً)، فهذا يدل على أن الإنسان يدخل مع الإمام في الصلاة؛ لأنه إذا دخل مع الإمام في الصلاة فهو في عمل خير وهو الصلاة، وإن لم يدخل معه لا يقال: إنه في صلاة، وقد جاء في بعض الأحاديث: (إنه في صلاة ما انتظر الصلاة) أي: أن الإنسان إذا كان ينتظر الصلاة فهو في صلاة، فإذا دخل مع الإمام وهو في السجود فقد دخل معه في صلاته، فهذه الأفعال والحركات يثاب عليها وإن لم يكن معتداً بها؛ لأنها أقل من ركعة، فهو مسبوق يأتي بتلك الركعة التي لم يدرك إلا سجودها.

قوله: [(ومن أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)] يدل على أن من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة التي يعتد بشيء منها، وأما من لم يدرك الركعة وإنما أدرك بعضها فيكون قد أدرك الأجر، وإذا جاء في الركعة الأخيرة بعد الركوع فإنه يكون قد أدرك فضل الجماعة، ولكن لم يدرك شيئاً يعتد به، وعليه إذا قام أن يقضي، ومن العلماء من قال: إن إدراك الركوع ليس إدراكاً للركعة، بل لابد من إدراك قراءة الفاتحة، ولكن جمهور العلماء على أن إدراك الركوع إدراك للركعة، ويستدلون على ذلك بحديث أبي بكرة حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (زادك الله حرصاً ولا تعد)، فاعتبر صلاته ولم يأمره بأن يعيد، وإنما نهاه أن يعود إلى الهيئة التي فعلها وهي الركوع دون الصف، وإنما يمشي حتى يصل إلى الصف ثم يركع.

وعلى هذا: من أدرك الإمام ساجداً فلا ينتظره حتى يأتي بالركعة التي بعدها، وإنما يدخل في الصلاة ويسجد معه، ويكون بحركاته وسكناته قد فعل تلك العبادة التي يؤجر عليها، ولكنه لا يَعتد بها، ولهذا قال: (لا تعدوها شيئاً).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015