قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله رضي الله عنه قال: (إذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه على فخذيه وليطبق بين كفيه، فكأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم)].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في التطبيق، وأنه قال: (إذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه على فخذيه وليطبق بين كفيه) يعني: يجعل الذراعين على الفخذين، ويجعل الكفين بين الفخذين مطبقتين.
قوله: [(كأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم)] يعني: بهذا التطبيق الذي قد حصل.
ومن المعلوم أن هذا منسوخ كما جاء ذلك مصرحاً به في حديث سعد بن أبي وقاص المتقدم، حيث قال: (كنا نفعل ذلك فنهينا عنه، وأمرنا بأن نضع الأيدي على الركب) ولا شك أن وضع الأيدي على الركب أسلم وأمكن؛ لأن وضعها على الركب فيه اعتماد عليها، بخلاف ما إذا كانت بين الفخذين فإن الأمر يختلف؛ لأن هذا فيه اعتماد اليدين على الركبتين وفيه مجافاة، وأما التطبيق فقد كان موجوداً أولاً ثم نهي عنه كما في حديث سعد، ولهذا ذكر الناسخ أولاً، ثم ذكر بعده المنسوخ، وهو حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه.
أما عن طريقة أبي داود من حيث الاستقراء فلا أدري هل هو يقدم الناسخ باستمرار ويؤخر المنسوخ؟ لكن المعروف عن الإمام مسلم رحمه الله أنه يقدم المنسوخ ثم يأتي بالناسخ كما ذكر ذلك النووي عند أحاديث نقض الوضوء من مما مست النار، فإنه ذكر الأحاديث التي فيها النقض، ثم عقبها بالأحاديث التي فيها أنه لا ينقض، وقال النووي: إن طريقة الإمام مسلم أنه يقدم المنسوخ على الناسخ، وهنا في هذا الموضع قدم أبو داود الناسخ على المنسوخ، فلا أدري هل هذه الطريقة له، أو أنه يأتي عنه أشياء تخالف هذه الطريقة؟ وهذا يمكن أن يعرف في المستقبل، ولا شك أن الحكم هو للناسخ، ولهذا ترجم به فقال: وضع اليدين على الركبتين، هذا هو الحكم الثابت المستقر، وإنما الكلام في التقديم والتأخير، هل طريقة أبي داود أنه يقدم الناسخ على المنسوخ كما هو الحال هنا، أو أنه يتفق في هذا الموضع هكذا ويمكن أن يأتي في مواضع أخرى يختلف عن هذا الموضوع؟ الله أعلم.
قوله: [(فكأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم)].
يعني: أن بينهن شيئاً من التقدم والتأخر؛ لأنه ليس تشبيكاً وإنما هو تطبيق.