قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن داود بن أبي هند عن زرارة بن أوفى عن تميم الداري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى قال: (ثم الزكاة مثل ذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث تميم الداري وقال: إنه بنحو حديث أبي هريرة المتقدم، وهو شاهد له، ودال على ما دل عليه، وفي هذا الإخبار عن الأمر المستقبل، وأخبار الرسول صلى الله عليه وسلم يجب تصديقها، وأن ما أخبر به عليه الصلاة والسلام من الأمور المغيبة سواء كانت ماضية أو مستقبلة أو موجودة لا نشاهدها ولا نعاينها الواجب تصديقها؛ لأن هذا هو مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا إخبار عن أمر مستقبل وهو أن الصلاة أول ما يحاسب عليه، وهو كما أسلفت يدل على عظم شأن الصلاة، وأن أمرها خطير، وأن الواجب على الإنسان أن يحافظ ويحرص عليها.
وقد جاء في الحديث الصحيح: (إن أول ما يقضى يوم القيامة بين الناس في الدماء) وقد يقال: إن بينهما شيئاً من التعارض، ولكن لا تعارض؛ لأن الصلاة فيما يتعلق بحقوق الله هي أول شيء يحاسب عليه، وأول شيء فيما يكون بين الناس يقضى ويحاسب فيما بينهم في الدماء، فيكون الأول يحمل على حقوق الله، والثاني يحمل على حقوق الناس وما يكون بينهم، فلا تعارض بين ما جاء في هذا الحديث وبين الحديث الآخر الذي فيه: (إن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء).