هذا الرجل لما جاء وصلى والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه ثم قال له: [(ارجع فصل)] لم يقل: علمني، أو: لا أحسن غير هذا فعلمني، وإنما أراد أن يرجع ويصلي حتى يتحقق من حسن صلاته أو عدم حسنها، فرجع وصلى مثل ما صلى فقال له: [(ارجع فصل فإنك لم تصل)] ولما قال في الثالثة: [إني لا أحسن غير هذا فعلمني] علمه الرسول صلى الله عليه وسلم، فيكون عدم تعليم النبي صلى الله عليه وسلم إياه في أول مرة إما للتحقق، أو أنه يريد منه أن يقول: إنه لا يحسن غير ذلك، ولكنه كرر ذلك ثلاث مرات، ولا شك في أن هذا الفعل وهذا الترداد ثم بعد ذلك كونه يقول: علمني ثم يعلمه، لا شك أن ذلك فيه تثبيت لتلك الكيفية التي يعلمه إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه، وأنه سوف يعرفها تماماً مادام أنه قد حصل هذا الجهد وحصل هذا التكرار والترداد منه، فلا شك في أنه بعد ذلك سيحصل منه استيعاب لما يعلمه إياه رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
والحديث يدل على أن الإنسان إذا ذهب ولو لم يختف ثم جاء فإنه يكرر السلام، فلو ذهب إلى مكان ولو لم يختف عن صاحبه فإنه يسلم إذا رجع؛ لأن ذلك الصحابي جاء وسلم مراراً، كلما ذهب وجاء والرسول ينظر إليه وينظر إلى صلاته يأتي ويسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم يرد عليه السلام صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.