قوله: [قال أبو داود: قال سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج عن عبيد أبي الحسن: هذا الحديث ليس فيه: (بعد الركوع)].
ذكر أبو داود أن سفيان الثوري وشعبة قالوا في هذا الإسناد: [عن عبيد أبي الحسن] ولم يقولوا كما قال الأعمش: [عبيد بن الحسن]، ولا تنافي بين هذا وهذا؛ لأن عبيد بن الحسن كنيته أبو الحسن، فالذي قال: (أبو الحسن) كلامه صحيح، والذي قال (ابن الحسن) كلامه صحيح؛ لأن كنيته وافقت اسم أبيه، فمن قال: عبيد أبو الحسن فقد أصاب، ومن قال: عبيد بن الحسن فقد أصاب؛ لأنه أبو الحسن وهو ابن الحسن، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، وهو النوع الذي يقولون له: معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة هذا النوع: ألا يظن التصحيف؛ لأن كلمتي (أبي) و (ابن) متقاربتان في الرسم، فالذي لا يعرف أن عبيد بن الحسن كنيته أبو الحسن إذا رآه في موضع آخر مكتوباً أبي الحسن يقول: أبي هذه مصحفة؛ لأنه عبيد بن الحسن، فصحفت (ابن) إلى أبي، ولا تصحيف؛ لأنه مادام أن كنيته أبو الحسن فالذي قال: أبو الحسن ذكره بكنيته، والذي قال: ابن الحسن ذكره بنسبه.
إذاً: شعبة وسفيان الثوري لما رووا هذا الحديث ذكروا عبيداً بكنيته ولم يذكروه بنسبه فقالوا: عبيد أبو الحسن، هذا هو المقصود من هذا التنبيه، وكما هو معلوم لا تنافي بينهما؛ لأن كل الكلام صحيح.
قوله: [قال سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج عن عبيد أبي الحسن: هذا الحديث ليس فيه: (بعد الركوع)].
أي: هذا الحديث في رواية شعبة وسفيان الثوري ليس فيه لفظ: (بعد الركوع)، وإنما فيه: كان يقول كذا وكذا، وليس فيه: إذا قام من الركوع أو بعد الركوع، فلا وجود لهذا الكلام في رواية شعبة وسفيان الثوري، ولكنه موجود في رواية الأعمش التي ساقها المصنف بالإسناد: (إذا قام من الركوع) ومعناها: أنه بعد الركوع يقول هذا الكلام وهو التسميع والتحميد.
قوله: [قال سفيان: لقينا الشيخ عبيداً أبا الحسن بعد فلم يقل فيه: (بعد الركوع)].
ذكر سفيان هنا عبيداً أبا الحسن كما ذكره سابقاً بكنيته، وقوله: [فلم يقل: (بعد الركوع)] معناه أنه ذكره بدون ذكر الركوع.
[وقال أبو داود كذلك: ورواه شعبة عن أبي عصمة عن الأعمش عن عبيد أنه قال: (بعد الركوع)].
ذكر عن شعبة أنه رواه بطريق أخرى وقال: (بعد الركوع) مثلما قال الأعمش؛ لأنه جاء عنه مع سفيان أنه ما ذكر بعد الركوع، وجاء من هذه الطريق الثانية التي فيها أبو عصمة قال: (بعد الركوع) كرواية الأعمش.
قوله: [قال سفيان الثوري].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[وشعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد وصف أيضاً بأنه أمير المؤمنين في الحديث، فهما أميران من أمراء المؤمنين في الحديث، فهذان الشخصان اللذان جاء ذكرهما كل منهما وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل والتوثيق، وقد ذكر أن سفيان أحفظ من شعبة، وكيف عرفوا أن سفيان أحفظ من شعبة؟ عدوا الأغلاط التي غلطها هذا والأغلاط التي غلطها هذا فوجدوا أن سفيان أقل غلطاً فقالوا: إنه أحفظ منه، أو: إنه أوثق منه أو أقوى منه، وإن كان كلاهما في نهاية الإتقان، وقد كانوا إذا أرادوا أن يقارنوا بين الرجلين القويين فإن القياس عندهم عد الأخطاء، فإذا جمعوا أخطاء هذا وأخطاء هذا ورأوا أن هذا أقل وهذا أكثر جعلوا هذا مقدماً على هذا.
[عن أبي عصمة].
أبو عصمة هو نوح بن أبي مريم، وهو كذاب كذبوه، وأخرج حديثه الترمذي وابن ماجة في التفسير، فليس هو من رجال أبي داود، ولهذا لم يذكر أنه من رجال أبي داود لأنه ما جاء في الإسناد وإنما جاء في المتابعات.