قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن سليمان عن أبي صالح عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: (كيف تقول في الصلاة؟ قال: أتشهد وأقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حولها ندندن)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مبهم غير معين، ومن المعلوم أن الجهالة في الصحابة لا تؤثر؛ لأنهم عدول، ويكفي الواحد منهم شرفاً وفضلاً أن يقال: إنه صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا إنما هو خاص بالصحابة، بخلاف غيرهم فإنه يحتاج إلى معرفتهم والجهالة تؤثر فيهم، وأما الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فالمجهول فيهم في حكم المعلوم؛ لأنه حصل لهم هذا الشرف، وذلك بثناء الله عليهم وثناء رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
فذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: [(كيف تقول في الصلاة؟)] يعني: في الدعاء، أي: كيف تدعو في صلاتك؟ قال: [أتشهد وأقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [(حولها ندندن)].
فالرجل يقصد أنه لا يحسن تلك الأدعية الكثيرة التي كان يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي كان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بها ويحصل منه الدعاء دون أن يسمع الصوت، وكذلك ما يحصل من معاذ من الدعاء دون أن يسمع له الصوت، وهذا هو الدندنة.
فالرجل أخبر أنه يسأل الله الجنة بعد التشهد ويستعيذ بالله من النار، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: [(حولها ندندن)] يعني: هذه الدعوة التي تدعو بها -وهي حصول الجنة والسلامة من النار- كل الأدعية التي نقولها تدور حول نتيجتها وغايتها، وهي الوصول إلى الجنة والسلامة من النار.
ولعله ذكر معاذ في هذا الحديث وفي هذه الترجمة على اعتبار أنه كان يؤمهم، وأنه كان إمامهم، حيث كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يذهب ليصلي بهم، ولا يظهر وجه لهذا الحديث من ناحية تخفيف الصلاة.