قوله: [(قال: هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا: الله ورسوله أعلم)].
هذا السؤال والاستفهام حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعلم أنهم لا يدرون؛ لأن هذا أمر مغيب، ولكنه عندما يسأل هذا السؤال يجعلهم يستعدون ويتهيئون ويكونون على استعداد لمعرفة هذا الشيء الذي لا يعرفونه ولا يعلمونه، فإذا بين فإنهم يكونون على استعداد وعلى تهيؤ لتلقيه واستيعابه ومعرفته وعدم فوات شيء منه، فهذه فائدة سؤاله: [(هل تدرون ما الكوثر؟)] لأنه كان بإمكانه صلى الله عليه وسلم أن يقول: الكوثر نهر وعدنيه ربي في الجنة.
لكن هذا من كمال بيانه وكمال نصحه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهو أفصح الناس وأنصح الناس للناس عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وقوله: [(قالوا: الله ورسوله أعلم)].
قول (الله ورسوله أعلم) يقال في حياته صلى الله عليه وسلم عندما يسأل هو فيجيبونه بذلك ليعلمهم وليبين لهم، وأما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فلا يقال: الله ورسوله أعلم.
بل يقال: (الله أعلم) فحسب.
كما أن هذه الكلمة لا تقال في الأمور التي لا يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم، سواء وقع السؤال في حياته أو بعد مماته، فلو قيل: متى تقوم الساعة؟ فليس للإنسان أن يقول: الله ورسوله أعلم.
فالرسول لا يعلم متى تقوم الساعة، وإنما يقال: الله أعلم.
فالإنسان عندما يسأل عن شيء مثل هذا يكل العلم إلى العالم، وهو الله سبحانه وتعالى الذي يعلم الغيب في السموات والأرض ويعلم السر في السموات والأرض ويعلم كل شيء، ولا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
قوله: [(قال: فإنه نهر وعدنيه ربي في الجنة)].
هذا بيان أن نهر الكوثر في الجنة، وأما الحوض فهو في العرصات في الموقف يوم القيامة قبل أن يذهب الناس إلى الصراط والميزان، لأن الناس إذا خرجوا من قبورهم يكونون عطاشاً، فيكون الحوض في عرصات القيامة، فيتجه الناس إليه يريدون أن يشربوا منه فيذاد عنه من يذاد ويشرب من يشرب، وجاء في بعض الأحاديث أن الكوثر يصب فيه ميزابان من الجنة.