ثم إن الحديث يدل على إثبات هذا الأمر المغيب الذي هو الكوثر، وهو نهر وعده الله نبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة، وأنزل الله تعالى فيه هذه السورة التي هي سورة الكوثر.
فهذا النهر الإيمان به داخل تحت الإيمان باليوم الآخر، وهو من الإيمان بالغيب؛ لأن هذه أمور مغيبة لا تعرف إلا عن طريق الوحي، ولا يتكلم فيها إلا بالوحي، فما جاء به الوحي من أمور الغيب فإنه يصدق ويؤمن به، سواءٌ أكان ذلك في الماضي أم في المستقبل أم في الأمور الموجودة الغائبة عنا التي لا نراها ولا نشاهدها، فالماضي مثل بدء الخلق وأخبار بدء الخلق وأخبار الأنبياء السابقين وأخبار الأمم السابقة، فكل هذا الإيمان به من الإيمان بالغيب؛ لأن هذه أمور مغيبة مضت ما عرفناها إلا عن طريق الوحي.
والمستقبل كالأمور التي تجري قبل قيام الساعة، وما يجري عند قيام الساعة، وما يجري من البعث، وما يجري من الحشر، وما يجري من الصراط والميزان، وما يجري من الورود على الحوض، وكذلك الجنة وما فيها من النعيم، ومنها ذلك الحوض الذي وعده الله نبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة، وكل ذلك داخل في الإيمان بالغيب.
والأمور الموجودة التي لا نشاهدها هي كالجن والملائكة؛ لأن الملائكة موجودون والجن موجودون، وهم يكونون حولنا ولا نراهم، ولكن جاء الوحي بذلك، فهذه من الأمور المغيبة التي نؤمن بها، ونصدق بأن ما أخبر الله به وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم حق وصدق يجب الإيمان به ويجب تصديقه.