قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.
حدثنا نصر بن علي أخبرنا أبو أحمد عن العلاء بن صالح عن زرعة بن عبد الرحمن سمعت ابن الزبير رضي الله عنهما يقول: (صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [باب وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]، فـ أبو داود رحمه الله رتب الأبواب التي أوردها على وفق تنفيذ أعمال الصلاة؛ لأنه أولاً ذكر استفتاح الصلاة وأنه يكون بالتكبير ويكون فيه رفع اليدين، ثم لما فرغ من ذلك انتقل إلى وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة؛ لأن الإنسان أولاً يكبر ويرفع يديه ثم يضع اليد اليمنى على اليسرى، ثم بعد ذلك يأتي بالاستفتاح، فترتيبه رحمه الله للموضوعات أو للأبواب التي أوردها موافق لهيئة الصلاة ولكيفية الصلاة.
وأورد المصنف هنا حديث ابن الزبير أنه قال: [(صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة)].
ومعنى صف القدمين أن الإنسان في الصلاة يصف قدميه متساويتين ليس في إحداهما تقدم ولا تأخر، وليس المراد إلصاقهما، بل المراد تساويهما في مكان الوقوف.
وبعد ذكر صف القدمين ذكر وضع اليد على اليد في الصلاة ثم قال: [(من السنة)] والصحابي إذا قال: (من السنة) فإن قوله يكون من قبيل المرفوع؛ لأن المقصود بذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا فيه ذكر وضع اليد على اليد.
قيل: والحكمة من ذلك أن فيه خضوعاً وتذللاً لله سبحانه وتعالى، ولهذا فإن هذه الهيئة من خصائص الصلاة ولا تفعل أمام أحد من الخلق، وإنما تفعل والإنسان يناجي ربه في الصلاة، وهي هيئة ذل وخضوع لله سبحانه وتعالى، فإذا دخل الإنسان في صلاته يناجي ربه فإنه يكون على هذه الهيئة التي هي تذلل وخضوع لله سبحانه وتعالى.
وهذه الهيئة تفعل في سائر أحوال المصلين، سواء أكان المصلي منفرداً أم في جماعة، ويمكن أن يكون معنى قوله: [(صف القدمين)] تراص الصفوف واتصالها في صلاة الجماعة، إلا أن قوله: [(صف القدمين)] يشمل جميع أحوال المصلي، فيكون المعنى هو تساويهما.