قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال الحمار لا يقطع الصلاة حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال (جئت على حمار).
ح: وحدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وآله سلم يصلي بالناس بمنى، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت فأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك أحد)].
قوله: [باب من قال الحمار لا يقطع الصلاة].
ذكر فيما مضى الأحاديث التي فيها أن المرأة والحمار والكلب الأسود يقطعون الصلاة، ثم ذكر بعد ذلك [باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة] وهنا ذكر [باب من قال إن الحمار لا يقطع الصلاة].
وأورد حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: [أقبلت راكباً على أتان] والأتان أنثى الحمار، والحمار يقال للذكر والأنثى، والأتان اسم لأنثى الحمار، فجاء وهو راكب على الأتان حتى كان بين يدي بعض الصف، فنزل ودخل في الصف وترك الأتان ترتع، أي: أطلقها وتركها ترعى، وكان ذلك بمنى في حجة الوداع، قال: [وقد ناهزت الاحتلام] يعني: قد قاربت البلوغ.
والحديث ليس واضح الدلالة على أن الأتان مرت بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما فيه أنها مرت بين يدي بعض الصف، ومن المعلوم أن سترة الإمام سترة للمأمومين، فمرور نحو هذه بين المأمومين لا يؤثر، وإنما الذي يؤثر المرور بين الإمام وسترته وبين المنفرد وسترته، فهذا هو الذي يكون فيه التأثير.
وأما بالنسبة للصف وكونه يمر بين يدي الصف أو بعض الصف -سواءٌ أكان المار حماراً أم غيره- فإن ذلك لا يؤثر شيئاً؛ لأن العبرة بالإمام، والإمام لم يثبت في هذا الحديث أنه مر بين يديه شيء، لا حمار ولا غيره.
فهذا الحديث -في الحقيقة- يصلح لأن يكون تحت الترجمة السابقة، وهي أن سترة الإمام سترة للمأمومين.