قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب سترة الإمام سترة من خلفه.
حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن الغاز عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: (هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية أذاخر فحضرت الصلاة- يعني: فصلى إلى جدر- فاتخذه قبلة ونحن خلفه، فجاءت بهمة تمر بين يديه، فما زال يدارئها حتى لصق بطنه بالجدار ومرت من ورائه) أو كما قال مسدد].
أورد أبو داود هنا [باب سترة الإمام سترة من خلفه]، ومعناه أن من خلفه لا يحتاج إلى سترة؛ لأن المأمومين سترة الإمام سترة لهم، وعلى هذا فالذي يتخذ السترة هو الإمام والمنفرد، الإمام الذي يصلي بالناس والمنفرد الذي يصلي وحده، هذان هما اللذان يتخذان السترة، وأما المأمومون فلا يتخذون سترة؛ لأن سترة الإمام سترة لهم.
وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أنهم كانوا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنه صلى إلى جدار.
قوله: (هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية أذاخر).
الثنية فجوة بين الجبلين.
قوله: (فحضرت الصلاة) -يعني: فصلى إلى جدر-.
يعني: إلى جدار، أي: اتخذه سترة له.
قوله: (فجاءت بهمة) وهي الصغيرة من أولاد الغنم، سواءٌ أكانت من الضأن أم من المعز، فالرسول صلى الله عليه وسلم جعل يدرؤها ويريد أن يمنعها من أن تأتي أمامه، حتى قرب من ذلك الجدار فمرت من ورائه، فما مكنها من أن تأتي أمامه، فمرت من ورائه، وهذا هو وجه الشاهد لكون سترة الإمام سترة للمأمومين، إذ إنها مرت أمام المأمومين من وراء الإمام، وذلك لا يضر؛ لأن سترة الإمام سترة لهم، والرسول صلى الله عليه وسلم منع هذه البهمة، وهذا يدل على أن المصلي يمنع ما يمر بين يديه، سواءٌ أكان إنساناً أم حيواناً.