قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عيسى حدثنا هشيم أخبرنا حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (بت ليلة عند النبي صلى الله عليه وسلم فلما استيقظ من منامه أتى طهوره فأخذ سواكه فاستاك، ثم تلا هذه الآيات: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ} [آل عمران:190] حتى قارب أن يختم السورة أو ختمها، ثم توضأ فأتى مصلاه فصلى ركعتين، ثم رجع إلى فراشه فنام ما شاء الله، ثم استيقظ ففعل مثل ذلك، ثم رجع إلى فراشه فنام، ثم استيقظ ففعل مثل ذلك، كل ذلك يستاك ويصلي ركعتين، ثم أوتر)].
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة مبيته عند النبي صلى الله عليه وسلم في بيت خالته ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها؛ لأن أم ابن عباس هي أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية وهي أخت ميمونة بنت الحارث الهلالية، ف ابن عباس بات عند النبي صلى الله عليه وسلم في بيت خالته ميمونة، وقد جاءت الرواية عن ابن عباس بألفاظ كثيرة مختصرة ومطولة، وفي بعض الروايات: (أنه لما قام يصلي جاء ووقف عن يساره، فأخذ به وأداره عن يمينه)، وجاءت كيفية الصلاة بألفاظ مختلفة فيها المختصر وفيها المطول، وهذا الذي عند أبي داود هو من تلك الروايات.
قوله: [(بت ليلة عند النبي صلى الله عليه وسلم فلما استيقظ من منامه)].
هو بات عند النبي صلى الله عليه وسلم ليتعرف على عمله في الليل، وهذا مما يدل على أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا حريصين على معرفة السنن والأحكام الشرعية، وتتطلبها، والنظر إلى أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم، وماذا كان يفعل في مختلف الأوقات؛ ليأتسوا به ويقتدوا به؛ لأنه هو الأسوة والقدوة لأمته عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
قوله: [(فلما استيقظ من منامه أتى طهوره فأخذ سواكه فاستاك)].
فلما قام من نومه أخذ طهوره ثم أخذ سواكه واستاك يعني: وتوضأ.
وقوله: [(ثم تلا هذه الآيات)].
أي: تلا الآيات التي في آخر سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران:190].
قوله: [(حتى قارب أن يختم السورة أو ختمها، ثم توضأ فأتى مصلاه فصلى ركعتين ثم رجع إلى فراشه فنام ما شاء الله)].
يعني: أنه صلى ركعتين ثم رجع إلى النوم، ثم قام وعمل مثل ما عمل، وهذا يدلنا على أن الإنسان إذا قام من نوم الليل ولو تكرر فإنه يستاك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل مثل ما فعل في المرة الأولى.
وقوله: [ثم استيقظ ففعل مثل ذلك كل ذلك يستاك ويصلي ركعتين، ثم أوتر].
يعني: أنه ختم الصلاة بالوتر؛ لأن صلاة الليل نهايتها وختامها الوتر.