قوله: [(فإن أبى فليقاتله فإنه شيطان)] يعني أنه إذا رده ومع ذلك لم يحصل امتناعه فليقاتله، أي: يدفعه بقوة، وليس المقصود من المقاتلة أنه يعمل على قتله، وإنما يدفعه بقوة، ففي أول مرة يدرأ بسهولة؛ لأنه قد يكون غافلاً، ولكنه إذا رأى أنه ليس بساهٍ وإنما هو منتبه ولكنه يريد أن يقطع فليقاتله فإنما هو شيطان؛ لأن هذا هو عمل الشيطان، ومن المعلوم أن الإنس فيهم شياطين والجن فيهم شياطين، وشياطين الجن يكونون مع الإنسان، وما من إنسان إلا ومعه قرين من الجن وقرين من الملائكة، ولهذا جاء في بعض الروايات: (فإن معه القرين) يعني القرين من الجن، فيكون هو الذي يدفعه إلى ذلك، وهو الذي يجعله يقدم على ذلك.
إذاً: فمنع المصلي من يمر بين يديه يكون أولاً بالتي هي أحسن، وذلك بأن يمد يده حتى ينبهه، فقد يكون غافلاً فيتذكر فيتنبه، فإن رآه غير غافل ولا لاه ولكنه عازم على أن يمر بين يديه فإنه يدفعه بقوة وبشدة، وعلل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [(فإنه شيطان)] يعني: هذا الذي أقدم وحصل منه المخالفة وحصل منه الإصرار على ارتكاب الأمر المحرم هو شيطان، فإما أن يكون المراد أنه شيطان من شياطين الإنس، أو أنه معه القرين من الجن الذي يدفعه ويسول له الأمر المنكر ويرغبه في الأمر المنكر حتى يقدم عليه وحتى لا يحصل منه الابتعاد عما لا ينبغي.