قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي حدثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: قلت له -يعني: لـ عمر بن عبد العزيز -: حدثني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث)] قوله: [باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام] يعني بيان حكمها.
والمقصود أنه لا يصلى إلى المتحدثين ولا النيام؛ لأن المتحدث يشغل المصلي، والنائم قد يحصل منه اضطراب ويحصل منه تحرك، وقد يحصل منه أشياء في نومه لا يعلمها، فيكون في ذلك تشويش على المصلي.
لكن جاء حديث عن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهي مادة قدميها في قبلته، فإذا أراد أن يسجد غمزها فكفت قدميها) فهذا يدل على أنه لا بأس بالصلاة خلف النائم، أو خلف المضطجع، وأنه يكون أمام المصلي، وأنه لا بأس بذلك، ولكن الأولى عدمه إذا أمكن؛ لأنه -كما هو معلوم- قد يحصل من الإنسان في صلاته في نومه أشياء لا تنبغي، وقد يتحرك ويضطرب، وقد يحصل منه كلام في نومه، وقد يحصل منه خروج ريح لها صوت وما إلى ذلك من الأشياء، أما من حيث الجواز فهو جائز؛ لما جاء في قصة عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
فالنائم عرفنا وجه عدم الصلاة وراءه، والمتحدث كذلك، لكن بالنسبة للنائم -كما عرفنا- جاء حديث عائشة أنها كانت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم مضطجعة نائمة والبيوت يومئذ ليس لها مصابيح، فإذا سجد غمزها فكفت رجليها، وإذا قام مدتهما.
أما استقبال الرجل في الصلاة، مثل إنسان مستقبل القبلة وجاء شخص في الصف الثاني يصلي وأصبح في الظاهر كأنه مستقبلاً له فما نعلم أن شيئاً يمنع من هذا، إذا لم يكن هناك حديث ولا كلام وإنما هو جالس أمامه مستقبل القبلة أو مستدبرها.