قال المصنف رحمه الله تعالى: [تفريع أبواب السترة.
باب ما يستر المصلي: حدثنا محمد بن كثير العبدي، حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن موسى بن طلحة، عن أبيه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك)].
يقول المصنّف رحمه الله: [تفريع أبواب السترة].
أي: سترة المصلي التي يتخذها أمامه سترة له، و (أل) في السترة عوض عن المضاف إليه، أي: سترة المصلي، وهي تكون شيئاً شاخصاً أمام المصلي كعمود ثابت، أو عصا يغرزها في الأرض، أو أي شيء بارز يجعله أمامه؛ ليكون سترة يمنع المرور بين يدي المصلي، وأما المرور وراءه فيجوز.
ثم قال المصنّف رحمه الله: [باب ما يستر المصلي] يعني: ممَّ تكون السترة؟ أو من أي شيء تكون السترة؟ أو بماذا تكون السترة؟ والمقصود أن السترة تكون بأي شيء شاخص، أو بأي شيء بارز يلفت نظر من يريد أن يمر، فإذا رآه عرف أن هذه سترة تمنع من المرور بين يدي المصلي.
فإذا أراد أحد أن يمرّ بين السترة وبين المصلي فإنه يرده ويمنعه كما جاء في الحديث.
والسترة إما أن تكون عموداً، أو جداراً، وهذه من الأشياء الثابتة المستقرة، أو تكون من الأشياء المتحركة أو المتنقلة، كالحجر الكبير، أو العصا التي تغرز، أو الدابة ونحوها، فكل هذا تصلح أن تكون سترة.
وقد أورد أبو داود حديث طلحة بن عبيد الله التيمي رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك)].
ومؤخرة الرحل: هي العود الذي يستند إليه الراكب عندما يوضع الرحل فوق البعير، فيكون وراء محل الراكب عود مرتفع قليلاً أقل من الذراع يستند إليه الراكب، فالسترة مثل مؤخرة الرحل، فيقول: [(إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك)].
والمقصود بقوله: [(إذا جعلت بين يديك)] يعني: أمامك، (فلا يضرك من مر بين يديك) أي: من وراء السترة، وليس المقصود أنه يمر بينه وبين السترة؛ لأن السترة إنما جعلت من أجل أن لا يمر أحد بينه وبينها.
فإذا جعل الإنسان بين يديه مثل مؤخرة الرحل فلا يضره من مر بين يديه، أي: بعد السترة، فتكون السترة هي الحد الفاصل الذي لا يمكن لأحد أن يمر بينه وبينها، ومن مر من ورائها فله ذلك.
ويكفي في ارتفاع السترة أن يكون ربع متر أو أقل من ذلك، فمؤخرة الرحل أقل من الذراع.