[قال أبو داود: ومعنى (لينوا بأيدي إخوانكم): إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه، فينبغي أن يلين له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف].
فهذا من المعاني التي تدخل تحت قوله: (لينوا بأيدي إخوانكم)، وليس قصراً عليها، لأن منه أيضاً كما ذكرت إذا كان الإنسان متقدماً فطلب منه أن يتأخر فيتأخر، أو كان متأخراً فطلب منه أن يتقدم فيتقدم، أو كان في فجوة فيُطلب منه أن يقترب حتى يسدها فليستجب، أو إذا أراد أن يدخل بين من أمامه حتى يسد فرجة فليتُرك، أو أن يكون هناك سعة فيريد أنه يدخل، فكل هذا يدخل تحت قوله: (لينوا بأيدي إخوانكم).
وتفسير أبي داود تفسير بالمثال، وليس حصراً للين في ذلك، وهذا ما يسمونه التفسير بالمثال، يعني: أن يذكر مثالاً من الأمثلة التي تندرج تحت هذا اللفظ.
وهذا الكلام في الصلاة وقبل الصلاة، فلا يجوز للإنسان أن يمتنع، بل عليه وإن كان في الصلاة أن يقترب إذا كان هناك فجوة في الصف، وإذا كان متأخراً فعليه أن يتقدم، وإذا كان متقدماً فعليه أن يتأخر، فإن ذلك من مصلحة الصلاة، ومن الأشياء المأمور بها في الصلاة.
وبعض الناس إذا أراد أن يتقدم إلى سد فرجة مثلاً فإنه يمشي مشية معينة، فيسحب رجله سحباً؛ لأنها إذا ارتفعت عن الأرض فقد يؤدي ذلك إلى بطلانها بزعمهم، ولا نعلم في ذلك دليلاً، ولكن كون الإنسان يمشي بهدوء فهذا شيء مطلوب، فلا يتقدم بسرعة، ولا يقفز قفزاً، بل يمشي بهدوء.