قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي حدثنا ابن وهب ح وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث وحديث ابن وهب أتم عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن عبد الله بن عمر قال قتيبة: عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة لم يذكر ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم -لم يقل عيسى: بأيدي إخوانكم- ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله).
قال أبو داود: أبو شجرة: كثير بن مرة.
قال أبو داود: ومعنى: (لينوا بأيدي إخوانكم): إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغي أن يلين له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف].
أورد المصنف رحمه الله حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب) أي: أن يكون منكب كل إنسان محاذياً لمنكب الذي بجواره، والمعتبر كما ذكرت هو جهة الإمام.
قوله: (وسدوا الخلل) يعني: لا تتركوا فرجاً بين الصفوف، وإنما اجعلوا الصفوف متراصة متقاربة.
قوله: (ولينوا بأيدي إخوانكم) فسر اللين بأيدي الإخوان بإنه إذا طلب منه أحد أن يتقدم لكونه متأخراً فإنه يلين ويتقدم، وإذا كان متقدماً وطلب منه أن يتأخر فإنه يتأخر، وإذا كان في الصف فجوة وطلب منه أن يقرب إلى جهة جاره فإنه يقرب، فكل تلك المعاني تدخل تحت قوله: [(لينوا بأيدي إخوانكم)] والمراد أن يتحرك إذا طلب منه، وأن يتعاون مع إخوانه في تسوية الصفوف.
وفسر المصنف رحمه الله اللين بأن الإنسان إذا أراد أن يدخل في الصف إذا كانت فيه فرجة أو أراد أن يدخل بين شخصين من أجل أن يصل الصف فإن على هذين الشخصين أن يلينا له، وأن يمكناه من الدخول، وألا يمنعاه ولا يحولا دون الوصول إلى ما يريد.
قوله: (ولا تذروا فرجات للشيطان)، أي: لا تتركوا فرجات بينكم، فإن الشيطان يدخل من خلالها، ويعجبه ذلك؛ لأن هذا يخالف تسوية الصفوف الذي أمر الله تعالى به، والذي أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، ولأن ذلك يؤدي إلى أن الله يخالف بين وجوهكم وقلوبكم، وهذه من الأشياء التي يريدها الشيطان ويحبها.
قوله: (ومن وصل صفاً وصله الله)، أي: أن يقرب بعضهم من بعض، وإذا كانت هناك فرجة في الصف فإنه يدخل فيها ويسدها، فكل هذا من وصل الصفوف.
قوله: (ومن قطع صفاً قطعه الله)، أي: يتسبب في قطع الصف، فالأول يوصله الله بالثواب، والثاني يقطعه من الثواب، أو يحصل له الإثم، أو يعاقبه بضرر يحصل له كما جاء في الحديث (أو ليخالفن الله بين قلوبكم) فتكون هناك منافرة بين القلوب، فهذه عقوبة للقلب، أو تكون عقوبة للوجه كما في الرواية الأخرى، فتحصل مخالفة بين الوجوه.