قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الإسبال في الصلاة.
حدثنا زيد بن أخزم حدثنا أبو داود عن أبي عوانة عن عاصم عن أبي عثمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام).
قال أبو داود: روى هذا جماعة عن عاصم موقوفاً على ابن مسعود، منهم حماد بن سلمة وحماد بن زيد وأبو الأحوص وأبو معاوية].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب الإسبال في الصلاة.
والمراد بالإسبال: نزول الثياب عن الكعبين، هذا هو الإسبال، وهو الذي جاء التحذير منه، ومن ذلك حديث: (من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه)، وهو حرام مطلقاً في الصلاة وفي غير الصلاة.
لكن كون الإنسان يفعله في العبادة، ويؤدي العبادة وهو مرتكب لهذا الذنب لاشك أن في ذلك خطورة، ومن المعلوم أن الإسبال مطلقاً في جميع الأحوال حرام لا يجوز، وسواء كان في القميص أو في الإزار أو في المشلح أو في الجبة أو في السراويل أو في أي لباس يلبس، فلا يجوز للرجل أن يسبل ثيابه، ولا أن ينزل شيئاً من ثيابه عن الكعبين، بل يكون حد ما يصل إليه وينزل إليه هو الكعبان، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار)، فهذا يدلنا على تحريم الإسبال، وهو محرم في الصلاة وفي غير الصلاة، ولكنه إذا كان في الصلاة يكون الأمر أخطر؛ لأن الإنسان يتلبس بعبادة، ومع ذلك هو مرتكب لمعصية وواقع فيها، ففي الوقت الذي هو متلبس بالعبادة هو واقع في المعصية، ومرتكب لها.
قوله: [(من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام)].
المقصود من هذا أن من أسبل إزاره في صلاته خيلاء أنه متكبر ومتصف بهذا الوصف الخبيث الذي هو التكبر.
وقوله: (في حل ولا حرام)، فسر بعدة تفسيرات، منها: ليس من الله في حل في أن يحل له الجنة أو يحول بينه وبين السوء، أو ما إلى ذلك.
فالمقصود من ذلك ذمه، وأنه ارتكب أمراً خطيراً، وهو أمر خطير في جميع الأحوال لاسيما إذا كان الإنسان في الصلاة، فإن ذلك يكون في غاية الفظاعة والخبث.
ثم ذكر أبو داود رحمه الله أنه جاء مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق ابن مسعود، وأن جماعة رووه عنه موقوفاً، ومن المعلوم أن مثل ذلك الموقوف في حكم المرفوع؛ لأن مثل هذا الكلام لا يقال من قبيل الرأي وإنما يصار فيه إلى التوقيف؛ لأن ما يتعلق بالوعيد وبالأمور التي فيها بيان عقاب فإنه لا يكون من قبيل الرأي.
فعلى كل: جاء مرفوعاً وجاء موقوفاً، والموقوف في حكم المرفوع، ولا تنافي بين الوقف والرفع.