قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على منكبيه منه شيء)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يصل أحدكم في الثواب الواحد ليس على منكبيه منه شيء) يعني: أنه إذا صلى في ثوب واحد متزراً به فإنه يجعل طرفيه على منكبيه إذا أمكن ذلك، أما إذا كان الثوب لا يكفيه إلا للإتزار فإنه يأتزر به فقط، ولا يجعل على كتفيه منه شيئاً، لكن مع القدرة والسعة ومع إمكان أن يكون على عاتقيه منه شيء، أو على منكبيه منه شيء فإنه يجعل على منكبيه منه شيئاً، وفي حال الضيق وعدم السعة وكون ذلك الثوب لا يكفي إلا إزاراً فإنه يأتزر به، والله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16].
وفي حال السعة اختلف العلماء في مقتضى هذا الحديث على قولين: الأول: قول الجمهور أن هذا ليس للتحريم، وإنما هو للكراهة، يعني: أنه لو صلى مع القدرة وليس على عاتقيه منه شيء فإن الصلاة صحيحة.
الثاني: ذهب الإمام أحمد وبعض أهل العلم إلى أن الواجب هو أن يُغطى الكتفان مع القدرة، وأن النهي للتحريم وليس للتنزيه، ولكنهم متفقون على صحة الصلاة مع العجز ومع عدم القدرة على استعمال الثوب الواحد الذي لا يكفي أن يجعل منه على العاتقين أو على الكتفين شيء، فإن ذلك سائغ، وهذا الشيء هو المقدور عليه، والله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] ويقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].