قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن آدم المصيصي حدثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، بهذا الخبر، زاد (وإذا قرأ فأنصتوا).
قال أبو داود: وهذه الزيادة: (إذا قرأ فأنصتوا) ليست بمحفوظة، الوهم عندنا من أبي خالد].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم، إلا أن فيها زيادة: (وإذا قرأ فأنصتوا) قال أبو داود: وهذه الزيادة غير محفوظة والوهم فيها عندنا من أبي خالد الذي هو أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان شيخ شيخه، ولكن المنذري تعقب هذا وقال: إن هذا فيه نظر؛ لأن أبا خالد الأحمر قد توبع على ذلك، وقد جاء من حديث آخر غير هذا الحديث وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وإذا قرأ فأنصتوا)، وقد جاء عن مسلم رحمه الله أنه سئل عن حديث سليمان بن طرخان التيمي الذي فيه: (وإذا قرأ فأنصتوا) أليس هذا بصحيح؟ فقال: نعم صحيح، قالوا: لماذا لم تضعه في الصحيح، قال: ليس كل حديث صحيح وضعته، فهو حكم بصحته وأشار إلى ذلك في صحيحه عندما سئل عنه، وكما هو معلوم أن البخاري ومسلماً لم يلتزما أن يخرجا كل حديث صحيح، وما أكثر الأحاديث الصحيحة التي لم يخرجها الشيخان.
وعلى هذا فالحديث من حديث أبي هريرة وغيره، وجاء أيضاً من حديث أبي خالد، وقد توبع جاء من طريق سليمان بن طرخان التيمي الذي حكم مسلم بصحته، وقال: إنه صحيح، ثم أيضاً هو المطابق للفظ القرآن: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف:204] فالإنصات مطلوب، من الإنسان عندما يقرأ الإمام في الصلاة، ولكن يستثنى من ذلك قراءة الفاتحة فإن الصحيح أن المأموم يقرأ الفاتحة، والإمام يقرأ السورة، وهذه مستثناة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى ذلك لما قال: (ما لي أنازع القراءة لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب) يعني: لا تقرءوا والإمام يقرأ إلا بفاتحة الكتاب، فهذا يدل على أن فاتحة الكتاب مستثناة، وأما غير فاتحة الكتاب فعلى المأموم أن ينصت ولا يقرأ شيئاً.