قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني أبو خالد عن عدي بن ثابت الأنصاري حدثني رجل أنه كان مع عمار بن ياسر رضي الله عنه بالمدائن فأقيمت الصلاة، فتقدم عمار وقام على دكان يصلي والناس أسفل منه، فتقدم حذيفة رضي الله عنه فأخذ على يديه، فاتبعه عمار حتى أنزله حذيفة، فلما فرغ عمار من صلاته قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أم الرجل القوم فلا يقم في مكان أرفع من مقامهم) أو نحو ذلك؟ قال عمار: لذلك اتبعتك حين أخذت على يدي].
أورد أبو داود رحمه الله حديث حذيفة وحديث عمار رضي الله تعالى عنهما وفيه: أن عماراً رضي الله عنه صلى بالمدائن على مكان مرتفع فوق المأمومين، فجذبه حذيفة، وفي هذا الحديث أن حذيفة هو الجاذب، وفي الحديث الأول أنه هو المجذوب؛ لأنه جذبه أبو مسعود وهو كان يعلم ذلك؛ لأنه قال: قد ذكرت حين مددتني، فالحديث هو عن حذيفة وهو عن أبي مسعود، وهنا جاء أيضاً عن عمار وعن حذيفة، وهو مثل الذي قبله يدل على ما دل عليه، ومقتضاه هو نفس مقتضى الحديث السابق.
وقوله: (حدثني رجل أنه كان مع عمار بن ياسر بالمدائن فأقيمت الصلاة، فتقدم عمار وقام على دكان يصلي والناس أسفل منه، فتقدم حذيفة فأخذ على يديه)] يعني: أنه لم يقف، وإنما تبعه واستسلم ورجع.
قوله: [فاتبعه عمار حتى أنزله حذيفة، فلما فرغ عمار من صلاته قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أم الرجل القوم فلا يقم في مكان أرفع من مقامهم، أو نحو ذلك، قال عمار: لذلك اتبعتك حين أخذت على يدي)].
وهذا فيه أن الإمام لا يتخذ له مكاناً أو يخصص له مكاناً عالياً مرتفعاً يصلي فيه فوق الناس، والناس وراءه منخفضون وإنما يكون مثلهم.