قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الإمام يقوم مكاناً أرفع من مكان القوم: حدثنا أحمد بن سنان وأحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي المعنى قالا: حدثنا يعلى حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن همام (أن حذيفة رضي الله عنه أمَّ الناس بالمدائن على دكان، فأخذ أبو مسعود رضي الله عنه بقميصه فجبذه، فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى، قد ذكرت حين مددتني)].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [باب الإمام يقوم مقاماً أرفع من مكان القوم]، يعني: أن الإمام يكون على مكان مرتفع ويكون المأمومون على مكان منخفض، وهذا فيما إذا كان ذلك مقصوداً، بمعنى: أن الإمام يكون له مكان مرتفع خاص به؛ لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الإمام يتخذ مكاناً عالياً، وإنما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى مرة من المرات أو في بعض الأحيان على مكان مرتفع على درجات المنبر ورجع القهقرى، وذلك ليعلموا وليشاهدوا كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الإمام ومعه بعض المأمومين في مكان متساوٍ ثم كان بعض المأمومين في مكان منخفض كأن يكونوا في بدروم أو في مسجد عدة طوابق وصلى الإمام ومن معه في الدور الأعلى وغيرهم صلى في الأدوار التي تحت فلا بأس بذلك؛ لأن هذا تدعو الحاجة إليه، فكون الإمام ومعه بعض المأمومين يكونون في مكان عالٍ وبعضهم في مكان منخفض لا بأس بذلك، وإنما المحذور أن يكون الإمام له مكان مرتفع خاص به يصعد عليه ويصلي بالناس وهم تحته، هذا هو الذي يدل عليه هذا الحديث، أما أن يكون الإمام ومعه مأمومون في مكان مستوٍ ثم يأتي مأمومون آخرون بعدما يمتلئ المسجد فيصلون في السطح أو في الدور الأسفل فلا بأس بذلك ولا مانع منه وقوله: [(أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان، فأخذ أبو مسعود بقميصه)].
يعني: على مكان مرتفع؛ وذلك أنه ارتفع فوق ذلك المكان والمأمومون في مكان منخفض عنه، فجبذه أبو مسعود رضي الله عنه.
وقوله: [(فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون على ذلك؟ قال: بلى، قد ذكرت حين مددتني)].
يعني: حين جذبت بقميصي تذكرت ذلك، ومعنى هذا: أنه شيء معلوم عندهم، لكنه نسي ذلك.