قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: إمامة الزائر: حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبان عن بديل حدثني أبو عطية مولى منا قال: كان مالك بن حويرث رضي الله عنه يأتينا إلى مصلانا هذا، فأقيمت الصلاة، فقلنا له: تقدم فصله، فقال لنا: قدموا رجلاً منكم يصلي بكم، وسأحدثكم لمَ لا أصلي بكم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من زار قوماً فلا يؤمهم، وليؤمهم رجلاً منهم)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب إمامة الزائر، يعني: إمامة الزائر للناس، ومن المعلوم أن صاحب المنزل هو أولى بالإمامة من غيره إذا كان أهلاً للإمامة، وكذلك هو مقدم على الزائر وأولى منه، ولكن إذا احتيج إلى تقديم الزائر فلا بأس بذلك ولا مانع يمنع منه، ولكن كون صاحب المنزل هو الذي يصلي فإن هذا هو الأولى، وأما كون غيره يصلي ويتقدم للصلاة إذا احتيج إلى ذلك فلا بأس بهذا.
أورد أبو داود حديث مالك بن الحويرث يرويه عنه أبو عطية، وأبو عطية هذا قال عنه الحافظ: مقبول، إلا أنه ذكر عن ابن خزيمة أو غيره أنه صحح حديثه، ولكن ما ذكر عن أحد توثيقه، وإنما ذكر في التقريب أنه مقبول، والمقبول يحتاج إلى متابعة، والحديث صححه الألباني، ولا أدري ما وجه تصحيحه، وفي إسناده ذلك الرجل المقبول أو المجهول أبو عطية، وعلى هذا فإن إمامة الزائر جائزة، ولا شك أن الإمام الراتب وكذلك صاحب المنزل أولى من غيره وهو الأحق من غيره، وقد سبق أن مر حديث: (لا يؤم الرجل والرجلَ في بيته ولا في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه) ويمكن أن يكون قوله: (إلا بإذنه) يرجع إلى هذه الأمور المتقدمة كلها.
قوله: (فأقيمت الصلاة، فقلنا له: تقدم فصله)].
الهاء في قوله: (فصله) هاء السكت.
قوله: [(فقال لنا: قدموا رجلاً منكم يصلي بكم)].
يعني: أنه لا يريد أن يصلي بهم؛ لأنه زائر.
قوله: [(وسأحدثكم لمَ لا أصلي بكم؟! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من زار قوماً فلا يؤمهم، وليؤمهم رجل منهم)].
والحديث في إسناده هذا الشخص المتكلم فيه، وإذا صح فإنه يحمل على أنه خلاف الأولى، لا أنه لا يجوز وأن ذلك حرام لا يسوغ، بل هو جائز وسائغ، والحديث الذي فيه: (ولا يؤم الرجل الرجل في بيته ولا في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه) يدل على أن الإنسان إذا أذن فلا بأس بذلك.