قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إمامة البر والفاجر.
حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب حدثني معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصلاة المكتوبة واجبة خلف كل مسلم براً كان أو فاجراً، وإن عمل الكبائر)].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [باب إمامة البر والفاجر]، وإمامة البر هي الأصل، وإمامة الفاجر على خلاف الأصل، والمقصود هنا: ما حكم إمامة الفاسق؟ هل تسوغ أو لا تسوغ؟
و صلى الله عليه وسلم أن الحديث الذي ورد في هذا ضعيف، ووردت أحاديث أيضاً ضعيفة تتعلق بإمامة الفاجر، ولكن الذي ورد في الإمامة فيما يتعلق بأئمة الجور، حيث جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يصلون لكم فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساءوا فلكم وعليهم) وعثمان بن عفان رضي الله عنه لما حصر في داره وصار يصلى بالناس رجل من الذين خرجوا على عثمان رضي الله عنه، فجاءه رجل وقال: يا أمير المؤمنين! إنك إمام عامة وهذا الذي يصلي بالناس إمام فتنة فماذا تأمرنا؟ قال: (يابن أخي! الصلاة من خير ما يفعل الناس، فإن أحسنوا فأحسن معهم، وإن أساءوا فاجتنب إساءتهم) وهذا الأثر أخرجه البخاري في صحيحه، حيث بوب: [باب إمامة المفتون والمبتدع]، وأورد هذا الأثر عن عثمان.
والأحاديث التي فيها التنصيص على البر والفاجر ضعيفة، لكن الأصل عند العلماء أن من صحت صلاته صحت إمامته، فمن كان مسلماً وصلاته صحيحة فتصح إمامته، بمعنى: أن الإنسان لا يعيد الصلاة.
ومن يكون فاسقاً أو مبتدعاً بدعة غير مكفرة لا يجوز أن يقدم في الصلاة أو أن يختار لإمامة الناس، ولكنه لو تقدم أو حصل أنه تقدم وصلى الناس وراءه فلا يعيدون الصلاة، وصلاتهم صحيحة؛ لأنه هو نفسه صلاته صحيحة ما دام أنه مسلم ولم يصل إلى حد الكفر.
فمن صحت صلاته صحت إمامته، ولكنه لا يختار ليكون إماماً من يكون فاسقاً، وإنما الشأن فيما إذا وجدت الصلاة، أو كان إماماً راتباً، ولا يتمكن الإنسان من الصلاة في مسجد آخر، فإذا صلى وراءه فإن الصلاة تصح، والأحاديث التي وردت في ذلك ضعيفة، لكن الذي ورد فيما يتعلق بأئمة الجور يدل على أنهم يصلون، وأن صلاة من وراءهم تكون صحيحة، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (يصلون لكم فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساءوا فلكم وعليهم) وقول عثمان رضي الله عنه: (الصلاة من خير ما يفعل الناس، فإن أحسنوا فأحسن معهم، وإن أساءوا فاجتنب إساءتهم) أخرجه البخاري في باب إمامة المفتون والمبتدع.
وقوله: (الصلاة المكتوبة واجبة خلف كل مسلم براً كان أو فاجراً وإن عمل الكبائر) يعني: وإن حصل من هذا الإمام الفاجر الكبائر.