قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جماعة أيعيد؟]: حدثنا أبو كامل حدثنا يزيد بن زريع حدثنا حسين عن عمرو بن شعيب عن سليمان بن يسار -يعني: مولى ميمونة - قال: أتيت ابن عمر رضي الله عنهما على البلاط وهم يصلون، فقلت: ألا تصلي معهم؟ قال: قد صليت، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تصلوا صلاة في يوم مرتين)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة بعنوان: [باب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جماعة أيعيد؟] يعني: هل يعيد أو لا يعيد؟ وأورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وفيه أن سليمان بن يسار مولى ميمونة قال: أتيت ابن عمر على البلاط وهم يصلون، فقلت: ألا تصلي معهم؟ يعني: أنه كان على البلاط لم يصل وهم يصلون، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تصلوا صلاة في يوم مرتين) وهذا ظاهره يخالف ما تقدم من الأحاديث التي فيها أن الإنسان يصلي مع الجماعة مرة ثانية، وتكون له نافلة، والأولى هي الفريضة، وعلى هذا فيحمل ما جاء في حديث ابن عمر على ما إذا كان المقصود أن الإنسان يصليها ويكررها من غير أن يكون لها سبب، أما ما جاء في الأحاديث المتقدمة فهي إعادة الجماعة بسبب، أما أن يصلي الظهر ثم يذهب يصلي الظهر مرة ثانية، ثم يصلي مرة ثالثة، وهكذا فلا، وإنما إذا صلى ثم وجد ناساً يصلون يصلي معهم.
فإذاً: تلك التي لها سبب يصليها الإنسان، والأحاديث حيث أمكن التوفيق بينها يوفق بينها، فيقال: إن الصلاة إذا كانت ذات سبب كأن يكون وجد الجماعة تصلي فيصلي معها ولا بأس بذلك، وإن لم يكن هناك سبب وإنما يريد أن يكرر الصلاة فهذا لا يجوز، وليس للإنسان أن يصلي الصلاة مرتين، فلا يصلي الظهر مرتين على أنها فريضة، لكن حيث تكون هناك جماعة وهناك سبب اقتضى ذلك فيصلي، وتكون الأولى هي الفريضة، والثانية هي النافلة، وعلى هذا فالتوفيق بين حديث ابن عمر هذا وبين ما تقدم من الأحاديث محمول على أن المقصود بما في الأحاديث السابقة ما كان له سبب، وهذا على ما ليس له سبب.
ومن المعلوم أن هذه جماعة ثانية، لكن لعل ابن عمر لم تبلغه تلك الأحاديث التي فيها أن الجماعة تعاد ولكن لسبب، وعلى أن الثانية نافلة وليست فريضة.