قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن المثنى أن عمرو بن عاصم حدثهم قال: حدثنا همام عن قتادة عن مورق عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها)].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه الذي يبين فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، وقد سبق أن مر حديث: (وبيوتهن خير لهن) وهذا الحديث فيه تفصيل: أنه كلما كانت المرأة أستر وأبعد عن الظهور والبروز كان أفضل لها، يقول عليه الصلاة والسلام: (صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في حجرتها) والكلام كله يتعلق بالبيت، وأنه كلما كان أبعد وأخفى وأستر للمرأة فإنه يكون أفضل.
قوله: (صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في حجرتها) والمراد بالحجرة: المكان الذي يحتجر حول البيت يعني: مثل الصحن أو المكان الفاضي، ولكنه داخل السور وتحت البنيان، وفيه يعني: أنه مكان مكشوف، ولكنه ليس داخل البيت، فصلاتها في بيتها خير من صلاتها في حجرتها، يعني: إذا كان البيت له حوش ومكان مكشوف فصلاتها في داخل البنيان أحسن من صلاتها داخل السور في الحوش أو في المكان المكشوف المحتجر الذي هو تابع للبيت ومن جملته.
فهذا هو المقصود بالحجرة، وليس المقصود بها الغرفة التي هي داخل البيت، وإنما المقصود: المحتجر الذي يكون في البيت تدخل منه وتشرع عليه الأبواب.
قوله: (وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها) المخدع: هو البيت الصغير أو المكان الذي يكون في أقصى البيت والذي يتخذ لحفظ الأشياء، ويميز على غيره بكونه يكون في مكان بعيد من الباب، وهذا معناه: أن المرأة كلما كانت أبعد في بيتها كان أفضل من بروزها، ومعنى هذا أن كل هذه الأمور أحسن من صلاتها في المسجد، يعني: إذا كانت هذه الأمور في داخل البيت وبعضها أولى من بعض فإن ذلك يدل على أن صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد؛ فلهذا قال: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن) ثم يكون التفصيل في البيت: كلما كانت أبعد كانت أستر، وكلما كانت بعيدة عن الأنظار كان ذلك أفضل لها.