قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير وأبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد قال: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ائذنوا للنساء إلى المساجد بالليل) فقال ابن له: والله! لا نأذن لهن فيتخذنه دغلاً، والله! لا نأذن لهن، قال: فسبه وغضب، وقال: أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ائذنوا لهن) وتقول: لا نأذن لهن؟!].
أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ائذنوا للنساء إلى المساجد في الليل)، وهذا مثل الذي قبله، إلا أن فيه التقييد بالليل، والأحاديث التي تقدمت مطلقة وعامة تشمل الليل والنهار، لكن هذا الذي فيه ذكر الليل يكون فيه إشارة إلى الستر، ولكن الأحاديث التي مضت مطلقة وتشمل الليل والنهار، ولا بأس بالإذن لهن، ولكن خروجهن والإذن لهن بالليل يكون أولى؛ لأنه يكون فيه ستر سواءً كان في العشاء أو الفجر، وقد جاء في بعض الأحاديث الصحيحة أنهن كن يخرجن وهن متلفعات بمروطهن في صلاة الفجر ما يعرفهن أحد من الغلس.
قوله: (فقال ابن لـ ابن عمر) قيل: إنه بلال وقيل: واقد.
قوله: (والله! لا نأذن لهن فيتخذنه دغلاً) يعني: ريبة أو وسيلة إلى الوقوع في أمر محرم، فغضب عليه عبد الله بن عمر وسبه وقال له: (أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ائذنوا للنساء) وتقول: والله! لا نأذن لهن؟!) وجاء في بعض الروايات أنه ما كلمه حتى مات، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وإن كان هذا محفوظاً فلعل أحدهما مات بعد وقت وجيز من الحادثة أو من الواقعة التي جرت بينهما.
وفي هذا دليل على الحث على اتباع السنن والتحذير من مخالفتها، والإنكار الشديد على من يحصل منه المخالفة للسنن ومعارضة الأحاديث، وكذلك أيضاً فيه تأديب الرجل لولده ولو كان كبيراً، وكذلك الهجر حيث يكون فيه مصلحة لاسيما إذا كان من الوالد أو ممن له شأن ومنزلة فإنه يكون في ذلك فائدة ومصلحة.