قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عيسى حدثنا أبو معاوية عن هلال بن ميمون عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصلاة في جماعة تعدل خمساً وعشرين صلاة، فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة).
قال أبو داود: قال عبد الواحد بن زياد في هذا الحديث: (صلاة الرجل في الفلاة تضاعف على صلاته في الجماعة) وساق الحديث].
أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الرجل في جماعة تعدل خمساً وعشرين صلاة) وهذا فيه بيان أن الحديث السابق يبين هذا الحديث، وأن المقصود أنها تضاعف هذه المضاعفة، فتكون صلاته الواحدة بخمس وعشرين صلاة.
قوله: (فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة)، يعني: أنها تضاعف هذا المضاعفة، ولعل هذه المضاعفة سببها كون الإنسان يحرص عليها في السفر مع وجود التعب ومع وجود النصب والمشقة، فمع ذلك يكون فيها ذلك الأجر وذلك الفضل العظيم.
ويحتمل أن ذلك حيث تكون الفتن وعزلة الناس وكون الإنسان يكون معه غنم يرعاها ويعبد الله عز وجل، وقد جاء في ذلك أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن من يستطيع مخالطة الناس والصبر على أذاهم ويتمكن من ذلك، فإن ذلك أعظم أجراً من العزلة ومن الانفراد، ولكن ذكر الفلاة هنا يدل على عظم أجر الصلاة في السفر مع حصول المشقة والنصب والتعب، وأنه لو صلاها وحده في الفلاة وهو مسافر فإن الله تعالى يكتب له ذلك الأجر العظيم، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم)، وهذا فيه بيان فضل المحافظة على الصلاة دائماً وأبداً ولاسيما في حال الأسفار وفي الفلوات، وكون الإنسان يكون وحده لا يطلع عليه إلا الله عز وجل ولا يراه إلا الله سبحانه وتعالى، فتكون مراقبته لله عز وجل وتقواه لله سبحانه وتعالى تدفعه وتجعله يحافظ على الصلوات الخمس، سواء كان ذلك حصله عن طريق وجود الجماعة أو أنه كان بمفرده وحافظ على الصلاة، فإنه يحصل هذا الأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى.
وفي حديث عبد الواحد الذي ذكره أبو داود بيان أن تلك الصلاة التي يصليها تضعف على صلاة الجماعة بخمسين صلاة، يعني: ليس الأمر مقصوراً على كونه يصلي وحده، بل أيضاً على صلاة الجماعة.