[حدثنا أبو توبة حدثنا الهيثم بن حميد عن يحيى بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال: (من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم) يعني: من توضأ وخرج إلى المسجد يريد أن يؤدي فريضة من الفرائض التي فرضها الله عليه وهي الصلوات الخمس يكون أجره كأجر الحاج المحرم الذي تلبس بلباس الحج، يعني: أن الله تعالى يثيبه مثل خروج الحاج المحرم، فهذا خرج ليؤدي صلاة مكتوبة والمحرم خرج ليؤدي عبادة عظيمة، فأجر هذا كأجر هذا، وفضل الله واسع.
قوله: [(ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر)].
التسبيح هو صلاة النافلة، والمقصود بالضحى صلاة الضحى، يعني: أنه خرج ليؤديها، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة) وكل الصلوات هي في البيوت أفضل منها في المساجد إلا الفرائض؛ فإنه يجب أن تؤدى في المساجد.
وهنا ذكر صلاة النافلة أو الذهاب إلى النافلة فمن أهل العلم من قال: إن ذلك قد يكون فيه استثناء لتلك الصلاة بأنها تكون في المسجد ولها ذلك الفضل، ويمكن أن يقال: إنها إذا أديت في المسجد لها ذلك الفضل، ولكن ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: (صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة) يدل على أن من تمكن من أداء النافلة في المسجد ولكنه فعلها في البيت فإن صلاته في البيت تكون أفضل وأعظم أجراً من صلاته في المسجد.
ويمكن أن ذلك يتحقق في الذهاب إلى قباء، فكون من كان ففي المدينة يتوضأ في بيته ثم يذهب إلى قباء فيصلي فيه ركعتين يكون له كأجر عمرة، كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان كأجر عمرة) ولكن الحديث الذي هنا عام ولا شك أن مقتضاه يتحقق بما جاء في قصة قباء، ولكن من قدر على أن يؤدي النوافل في المسجد وتركها في المسجد وأداها في البيت يكون ذلك أعظم أجراً له عند الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة) وكان عليه الصلاة والسلام يصلي النوافل في البيت ثم يخرج ويصلي بالناس، ثم يرجع من المسجد ويصلي النوافل البعدية في بيته صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين)].
يعني: أنه يرفع شأنه عند الله عز وجل، وترفع درجته عند الله عز وجل ما دام أنه صلى صلاة على إثر صلاة وكان ما بينهما خالياً من اللغو، وليس فيه إلا ذكر الله عز وجل، ولا يأتي بسيئات وبكلام سيئ ولغو بين تلك الصلاتين، فمن كان كذلك فإن هذا في أعلى الدرجات وفي أعلى المنازل، ويكتب الله ذلك له ويثبته عنده.
فهذا الحديث فيه فضل الذهاب إلى المساجد وفضل متابعة الذهاب إلى المساجد وفضل السلامة من اللغو ومن الكلام السيئ بين الصلوات، ومن المعلوم أن الإنسان إذا أدى الصلوات الخمس وحفظ لسانه فيما بين كل صلاة وصلاة، فلا شك أنه على خير، ولا شك أن ذلك يرفع شأنه ودرجته عند الله عز وجل.