قول الله عز وجل في هذا الحديث: (يؤذيني ابن آدم) ابن آدم هنا عام مراد به الخصوص، ولا يقال: إن كل بني آدم يصدر منهم هذا الإيذاء، وإنما يحصل هذا من البعض، فهو عام يراد به خصوص بعض بني آدم الذين يضيفون الأمور إلى الدهر ويسبون الدهر، فهذا إيذاء لله عز وجل.
والإيذاء يحصل من العبد بأن يفعل ما لا يسوغ كمحرم، فإن هذا يقال له: إيذاء لله عز وجل، وهو سبحانه لا تضره معاصي العاصين، ولا تنفعه طاعات المطيعين، بل هو سبحانه وتعالى النافع الضار، ولكن كونه يحصل ما يسخطه ويغضبه فإن هذا يقع من العبد، لكن الله جل وعلا لا يتضرر بهذا الإيذاء الذي صدر من العبد، فهو لا تضره معصية العاصين، ولا تنفعه طاعة المطيعين، ولهذا ينسب إلى العبد فيقال: إنه آذى الله أو يؤذي الله، ولكن لا يقال: إن الإنسان أضر الله عز وجل أو نفع الله، فلا يضاف النفع أو الضر إلى العباد، ولكن جاء في القرآن وفي السنة ذكر الإيذاء، وأنه يصدر منهم الإيذاء لله عز وجل، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} [الأحزاب:57]، وقد فسر معنى ذلك بأنهم يحصل منهم الأذى بارتكابهم المعاصي وتركهم الأوامر، فهذا هو الإيذاء، لكن لا تضره هذه المعصية كما أن الطاعة لا تنفعه، وإنما تضر المعاصي أصحابها، وتنفع الطاعات أصحابها، والله عز وجل لا يصل إليه ضر ولا نفع، فلا تنفعه طاعة المطيعين، ولا تضره معاصي العاصين سبحانه وتعالى، بل هو النافع الضار.