قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس)] أي: تقام الصلاة ويستخلف النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي بالناس ثم يذهب ومعه جماعة من أصحابه معهم حزم من حطب إلى أناس لا يشهدون الصلاة فيحرق عليهم بيوتهم بالنار، يعني: في الوقت الذي هم متلبسون بالمعصية؛ لأن هؤلاء الناس يصلون في بيوتهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم هم بأن تقام الصلاة ويستخلف رجلاً يصلي بالناس ويذهب بنفسه ومعه جماعة من أصحابه معهم حزم من حطب ليحرق على هؤلاء المتخلفين عن الصلاة بيوتهم، وهذا يدلنا على وجوب صلاة الجماعة، وذلك لكون النبي صلى الله عليه وسلم يهم بالتحريق وإن لم يفعل، فمجرد الهم بهذه العقوبة الشديدة يدل على أن صلاة الجماعة واجبة، وأن هؤلاء الذين همَّ النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوتهم عليهم حتى يتلفوا وتتلف بيوتهم معناه أنهم ارتكبوا جرماً كبيراً، وارتكبوا خطأً كبيراً يستحقون معه هذه العقوبة، فمجرد همه عليه الصلاة والسلام وإخباره بهذه العقوبة كافٍ في بيان وجوب صلاة الجماعة، مع أن الجماعة جاء في وجوبها أحاديث كثيرة غير هذا الحديث.
وقوله: [(لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار)] يعني أن جرمهم ومصيبتهم أنهم لا يشهدون الصلاة جماعة، وهذا يدلنا على أن البيوت لا يُصلى فيها جماعة ولا فرادى، فلا يقول بعض الناس: نحن نصلي جماعة في البيت؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل: هل يصلون جماعة أو لا يصلون جماعة في البيوت؟ وإنما قال: [(لا يشهدون الصلاة)] أي: سواءٌ صلوا جماعة أو لم يصلوا جماعة؛ لأن المقصود هو إتيان المساجد، والجماعة تقام في المساجد ولا تقام في البيوت، وإلا فلماذا تعمر المساجد؟! ولماذا يؤذن المؤذن ويقول: (حي على الصلاة حي على الفلاح)؟!