قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد)].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد)، وأولها النملة، ومعلوم أنها لا تقتل إلا إذا آذت، ولهذا مر في الحديث السابق أنها تسبح، فإذا كان لا يحصل منها الأذى فإنها تترك، وإن حصل منها أذى فإنها تقتل، فالنهي في الأصل من أجل عدم الإيذاء، أما إذا وجد إيذاء فإن الذي يؤذي يقتل من أجل دفع أذاه والتخلص من أذاه، ومعلوم أن الصائل إذا لم يمكن دفعه إلا بإيذائه بالضرب أو بالقتل فلا بأس، فكذلك تلك الدواب التي هي غير معروفة بأذاها كالحية والعقارب إن وجد منها الأذى فإنه يتخلص منها بالقتل، وإن لم يوجد منها أذى فإنها تترك، ولهذا نهى الرسول عن قتلها.
والنحلة نهي عن قتلها من أجل أن فيها منفعة وفائدة وهي حصول العسل، بالإضافة إلى كونها أمة من الأمم، وأنها تسبح الله، وكل شيء يسبح الله سبحانه وتعالى.
والهدهد من الطيور، والنهي عن قتله يدل على تحريم أكله.
وكذلك الصرد، وهو من الطيور، التي قيل: إن رأسه كبير وله منقار، وقيل: إنه يأكل الطيور الصغيرة، فيكون من قبيل ما هو مفترس من الطيور، فكذلك أيضاً لا يجوز قتله ولا يجوز أكله، وما لا يجوز أكله لا يقتل إلا إذا وجد منه الضرر، وإذا كان يجوز أكله فيقتل إذا كان الإنسان بحاجة إلى أكله، وأما إذا كان ليس بحاجة إلى أكله فإنه يتركه ولا يقتله عبثاً، وإنما إذا كان محتاجاً إليه ويريد أكله، أما إن كان يقتله عبثاً ولا حاجة له فيه فذلك غير سائغ.