قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من أولى بالسلام؟ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير)].
قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله سبحانه وتعالى: [باب من أولى بالسلام؟].
سبق ذكر أن خير المتلاقيين الذي يبدأ بالسلام، وأن كل واحد يحرص على أن يكون سابقاً بالخير، لكن هناك أحوال يكون السلام فيها من بعض الناس أولى من البعض الآخر، أي: يكون السلام من أصحاب حالة وهيئة معينة على أصحاب حالة وهيئة معينة؛ كأن يكون أحدهما ماشياً والثاني جالساً، فإن الماشي هو الذي يسلم على الجالس لا العكس، ولهذا قال: [من أولى بالسلام؟] يعني: أن هناك أحوالاً للناس إذا مر بعضهم على بعض أن يكون بعضهم هو الأولى بأن يسلم وليس من شأن الجالس أن يسلم على الماشي، وإنما الماشي هو الذي يسلم على الجالس، هكذا جاء في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن إذا حصل نسيان، أو أن الماشي كان ذاهلاً فإذا سلم الجالس عليه ونبهه على ما قد حصل له من الذهول فهذا شيء طيب، وأما أن الجالس ينتظر القادم ثم يسلم عليه قبل أن يصل من أجل أن يسبق؛ فقد خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذاً: يسلم الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والماشي على الجالس، فهذه أحوال وهيئات لبعض الناس يكونون فيها هم أولى بأن يحصل السلام منهم على غيرهم: فيسلم الصغير على الكبير ويحترمه ويوقره، وإذا حصل التلاقي وسلم الكبير على الصغير فلا بأس، وكذلك يسلم الراكب على الماشي، والماشي على الجالس.
فهذا هو الأصل كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجوز عكسه؛ ولكنه -بالنسبة للجالس- إذا كان هناك ذهول من الماشي فكونه يسلم عليه الجالس وينبهه أو يريد أن يتكلم معه ويسلم قبل الكلام، فهذا هو الذي ينبغي، والصغير يوقر الكبير، ويعوّد على الأخلاق الكريمة، والآداب الحميدة فيما يتعلق بآداب السلام وغيره.
قوله: (والقليل على الكثير).
يعني: إذا كانت هناك جماعة كثيرة فالقليلون هم الذين يسلمون على الكثيرين.