قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي الإسلام خير؟) يعني: أي خصال الإسلام أو أعمال الإسلام أفضل من بعض؟ لأن كلمة (خير) هنا بمعنى أخير التي هي من صيغ التفضيل؛ لأن (خير) تأتي اسماً في مقابل الشر، وتأتي أفعل تفضيل بمعنى: أخير، وهي هنا بمعنى: أخير وأفضل.
وتأتي (خير) اسماً في مقابل الشر مثل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه} [الزلزلة:7 - 8].
وقد جمع الله عز وجل بين هذين اللفظين الدالين على معنيين مختلفين في آية في سورة الأنفال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ} [الأنفال:70]، ((إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا)) هذه مقابل الشر، ((يُؤْتِكُمْ خَيْرًا)) بمعنى: أفعل التفضيل يعني: أخير وأفضل.
وهذا يدل على حرص الصحابة على معرفة تفاوت الأعمال حتى يأتوا بالأفضل، وحتى يقدموا على ما هو أفضل، وحتى يحصلوا على الأفضل، ولهذا قال: (أي الإسلام خير؟) أي: أي خصال الإسلام خير؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (تطعم الطعام)، يعني: لكل من هو محتاج إليه سواء كانوا ضيوفاً أو غير ضيوف.
(وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) تسلم على كل من تعرف ومن لم تعرف، ولا يكون السلام للمعرفة فقط، فالإنسان يسلم على من يعرف ومن لا يعرف إلا إذا تحقق أنه كافر فإنه لا يبدؤه بالسلام.