قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الاستئذان في العورات الثلاث.
حدثنا ابن السرح قال: حدثنا ح وحدثنا ابن الصباح بن سفيان وابن عبدة، وهذا حديثه، قالا: أخبرنا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد، سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول: لم يؤمر بها أكثر الناس آية الإذن، وإني لآمر جاريتي هذه تستأذن علي].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الاستئذان في العورات الثلاث، أي: في الأوقات الثلاثة التي يكون فيها التكشف، وهي قبل صلاة الفجر، وذلك في آخر الليل حين يكون الناس في آخر نومهم، وعندما يضعون ثيابهم من الظهيرة للقيلولة، ومن بعد صلاة العشاء الذي هو أول النوم، فهذه أحوال يكون الرجل متكشفاً مع أهله، فلا يدخل عليه من يطوف عليه كالخدم والصبيان إلا بإذن، حتى لا يقع بصرهم على شيء في هذه الأوقات الثلاثة.
قوله: [لم يؤمر بها أكثر الناس آية الإذن، وإني لآمر جاريتي هذه تستأذن علي].
لم يؤمر بها أكثر الناس يعني: آية الإذن، وفي بعض الألفاظ: (لم يؤمن بها أكثر الناس).
أي: لم يعمل.
وقد جاء في بعض الروايات أنهم كانوا في أول الأمر وليس في البيوت ستور، وبعد ذلك كثرت الستور، فكان كثير من الناس لا يحتاج إليها؛ لأن هناك ستوراً لا يتجاوزها الداخلون، فلا يقعون على شيء من العورات.
وفي بعض الألفاظ التي وردت أنه لم يؤمن بها -يعني: لم يعمل بها- مما يبين أن العمل من الإيمان، وأنه داخل في الإيمان، وهنا قال: لم يؤمر بها أكثر الناس، والرواية الثانية: (يؤمن) أوضح، والأمر موجود ولكنه كما هو معلوم أنه هنا للخدم وللأولاد الذين لم يبلغوا الحلم، وأما غيرهم فإنهم يستأذنون في جميع الأوقات كما جاء ذلك بالنسبة للأجانب، فإنهم يستأذنون كما جاء في أول سورة النور.
قوله: [وإني لآمر جاريتي].
معناه: أنها تستأذن، ولو حصل فيما بعد أن وجد ستور، ولا شك أن هذا أكمل وأحوط، فيستأذن الصبي بالكلام بحيث يعرف حتى ينتبه له، ومعناه أنه يتكلم ويسلم أو يحصل منه شيء يجعل الناس يعرفونه حتى يواروا عنه ما يحتاج أن يوارى.