قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الاستئذان.
حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رجلاً اطلع من بعض حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص أو مشاقص، قال: فكأني انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يختله ليطعنه)].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى باباً في الاستئذان.
أي: الاستئذان للدخول على الإنسان، أي: أن الإنسان يسلم ويستأذن للدخول ثم يدخل إن أذن له، هذا هو المقصود بالاستئذان الذي ترجم له أبو داود رحمه الله.
والاستئذان فائدته ألا يحصل الدخول من الشخص فيرى ما لا يريد صاحب البيت أن يراه غيره، فيحتاج الأمر إلى استئذان حتى يكون صاحب المحل قد تنبه وأخفى الشيء الذي يريد ألا يطلع عليه غيره، أو يكون الناس على غرة فيحصل من الاستئذان عدم الاطلاع على شيء من العورات، ومن أجل كون الإنسان لا يدخل إلا وقد أذن له؛ لأنه قد يكون الإنسان مشغولاً وعنده ظروف تضطره ألا يستقبل أحداً.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رجلاً اطلع من بعض حجر النبي صلى الله عليه وسلم) يعني: وضع عينه ينظر من في الداخل، فالرسول صلى الله عليه وسلم تنبه له وأخذ مشقصاً وهو نصل طويل، فكان يختله ليصيب عينه التي حصل منها العدوان في حال عدوانها.
قوله: [(فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يختله)] يعني: أنه يسير إليه برفق من أجل أن يصل إليه حتى يطعنه بهذا المشقص الذي معه صلى الله عليه وسلم.
وهذا يدلنا على تحريم النظر في بيوت الناس، ومن أجل ذلك جاء الاستئذان لمن يريد أن يدخل حتى لا يحصل منه الوقوع على شيء من العورات أو النظر إلى شيء لا يريد صاحب البيت أن ينظر إليه.