قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الأذان للأعمى.
حدثنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر وسعيد بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن ابن أم مكتوم رضي الله عنه كان مؤذشناً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب الأذان للأعمى] يعني أنه لا بأس به إذا كان معه من يخبره بدخول الوقت وينبهه على ذلك، ولا يقدم على ذلك إلا بعدما يخبره من هو ثقة بدخول الوقت، فلا بأس بذلك؛ لأنه أعمى لا يرى الزوال، ولا يرى الغروب، ولا يرى طلوع الفجر، فلا بد من أن يكون معه من ينبهه ويبصره ويخبره.
فلا بأس بأن يكون المؤذن أعمى بشرط أن يكون معه من ينبهه ويخبره بدخول الوقت، وهذا على اعتبار أن الأعمى لا يرى، والمسألة متعلقة تعلقاً رئيساً بالرؤية، مثل رؤية الزوال، وطلوع الفجر، وغروب الشمس، والأعمى لا يرى، فكونه يؤذن مع أنه يعتمد على من يخبره بدخول الوقت لا بأس به.
وليست هنا القضية قضية تقليد، وإنما هي قضية إخبار واعتماد على كلام من يوثق به، وكذلك في جهة القبلة، فإن وجد من يرشده إليها فلا يلزمه أن يجتهد، وإنما يجتهد حيث لا يكون عنده من يخبره، أما إن كان عنده أحد يخبره مثل أناس ساكنين في البرية وعندهم علم ومعرفة، أو هو نفسه معه ناس لهم خبرة ومعرفة فيسألهم؛ لأنه لو أراد أن يجتهد فسوف يصححون ما يفعله ويرشدونه إلى الصواب.
وأما ما ذكره بعض الفقهاء من أنه لو كانوا جماعة في سفر فلا يجوز أخذ أحدهم قول غيره، بل كل واحد منهم يجتهد ويصلي إلى القبلة التي توصل إليها اجتهاده فنقول: هذا إذا اختلفوا، وأما إذا كان هناك من ليس عنده خبرة وسأل من عنده خبرة فلا بأس بذلك، وهذا شيء مطلوب، وما أكثر ما يحتاج الناس إلى السؤال عن القبلة وهم في سفر؛ لأنه ليس كل إنسان يعرف، وبعض الناس يعرف اتجاه القبلة عن طريق النجوم أو عن طريق المشارق والمغارب، وهكذا.