قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في حق المملوك.
حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا محمد بن الفضيل عن مغيرة عن أم موسى عن علي رضي الله عنه قال: (كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم)].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باباً في حق المملوك والمقصود بذلك ملك اليمين، وهم الأرقاء من الذكور والإناث، هؤلاء هم ملك اليمين الذين لهم حقوق قد جاء بيانها في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد يدخل في ملك اليمين ما يملكه الإنسان من الدواب، فإن على من يملكها الإحسان إليها، وذلك بإطعامها وعدم إيذائها وإلحاق الضرر بها.
أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخر ما قال: (الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم) وفي بعض الألفاظ: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) أي: أن المقصود بذلك الحث والاهتمام والعناية بالصلاة، وذلك بالمحافظة عليها وإقامتها وأدائها كما شرع الله عز وجل وكما أوجب، والتقدير: الزموا الصلاة أو أقيموا الصلاة أو حافظوا عليها أو غير ذلك من العبارات؛ لأن لفظ الصلاة منصوب بفعل محذوف تقديره الزموا الصلاة أو أقيموا الصلاة.
وكذلك أيضاً ملك اليمين على الإنسان أن يتقى الله عز وجل في ملك اليمين، وذلك بأن يحسن إليه ويعطي حقه ولا يظلم، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق كما جاء ذلك في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكون النبي صلى الله عليه وسلم أوصى في آخر ما أوصى بهذين الأمرين اللذين هما الصلاة وملك اليمين يدل على عظم شأنهما.
ولاشك أن الصلاة جاء فيها نصوص كثيرة تدل على عظم شأنها وعلى أهميتها، فجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وصية بها في آخر ما أوصى به، وجاء بأنها آخر ما يفقد، وجاء أنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وجاء أنها عمود الإسلام.
وجاءت الوصية بملك اليمين؛ وذلك لأنه قد يظلم لضعفه، فجاءت السنة بالحث على أداء حقه فلا يظلم ولا يبخس حقه، وعدم التفريط وعدم التقصير في ذلك.