قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا النهاس بن قهم حدثني شداد أبو عمار عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة -وأومأ يزيد بالوسطى والسبابة- امرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال حبست نفسها على يتاماها حتى بانوا أو ماتوا)].
أورد أبو داود حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة -وأومأ يزيد بالوسطى والسبابة- امرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال).
يعني: تأيمت من زوجها ومات عنها وعندها بنات، فلم تتزوج من أجل أن ترعاهن وتحافظ عليهن، فآثرت البقاء بدون زوج مع بناتها للإحسان إليهن وتربيتهن وتنشئتهن، وهي ذات منصب وجمال ليست مرغوباً عنها، بل فيها من الصفات ما يقتضي الرغبة فيها، ولكنها آثرت البقاء معهن دون أن تتزوج.
قوله: [(سفعاء الخدين)] السفع: المقصود به حصول كدرة أو شيء يغير لون البشرة، وقيل: إنه بسبب أنها لم تتزوج فلا تحتاج إلى التجمل، ولا إلى أن تتهيأ للزوج، بل بقيت على هذا الوصف بسبب ترك التزين، لا أن ذلك عيب فيها أو أنه شيء في أصل خلقتها، وإنما هو بسبب ابتعادها أو تركها للزواج وتركها التجمل والتزين للزوج.
قوله: [(ذات منصب وجمال)] هذا ليس له مفهوم، بمعنى أن هذا الأجر لا يكون إلا لمن تكون كذلك، بل إن غيرها لو حصل منها مثل ما حصل من هذه، فإنه يكون لها ذلك الأجر، ولكن ذكرت ذات المنصب والجمال؛ لأن هذا مما يرغب فيها ومما يشجع على الإقدام على خطبتها والزواج منها، فكونها ذات شرف وذات حسب ومع ذلك جميلة فإن النفوس تطمع فيها وترغب فيها؛ ولهذا جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله: (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله) يعني: دعته إلى نفسها وهي متصفة بهذه الصفات التي تدعوه إلى الميل إليها والرغبة فيها، ولكنه لبعده عن الفاحشة وبعده عن معصية الله عز وجل امتنع من ذلك وقال: إني أخاف الله.